للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ (أَوْ) يَقُولُ (غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ) وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ، اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ» .

وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ الزِّيَادَةِ لِمَنْ يَكْتَفِي فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ بِأَدْنَى الْكَمَالِ، (وَالْمَأْمُومُ يَحْمَدُ) أَيْ: يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ (فَقَطْ فِي حَالِ رَفْعِهِ) مِنْ الرُّكُوعِ.

لِمَا رَوَى أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، فَأَمَّا قَوْلُ " مِلْءَ السَّمَاءِ " وَمَا بَعْدَهُ فَلَا يُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِمْ بِقَوْلِ «رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُمْ سِوَاهُ (وَلِلْمُصَلِّي) إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، بِلَا وَاوٍ) لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِهِ (وَبِهَا) أَيْ: بِالْوَاوِ (أَفْضَلُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلِكَوْنِهِ أَكْثَرَ حُرُوفًا وَيَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ مُقَدَّرًا وَمُظْهَرًا، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: رَبَّنَا حَمِدْنَاك، وَلَك الْحَمْدُ، لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الظَّاهِرِ مَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُقَدَّرًا (وَإِنْ شَاءَ) الْمُصَلِّي.

(قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، بِلَا وَاوٍ) نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، لِوُرُودِهِ فِي خَبَرَيْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (وَهُوَ) أَيْ: قَوْلُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ (أَفْضَلُ) مِنْهُ مَعَ الْوَاوِ (وَإِنْ شَاءَ) قَالَهُ (بِوَاوٍ) فَيَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " وَذَلِكَ كُلُّهُ بِحَسَبِ الرِّوَايَاتِ صِحَّةً وَكَثْرَةً، وَضِدَّهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِزِيَادَةِ الْحُرُوفِ وَقِلَّتِهَا.

تَنْبِيهٌ يَجُوزُ فِي " مِلْءَ السَّمَوَاتِ " وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ النَّصْبُ، عَلَى الْحَالِ أَيْ: مَالِئًا، وَالرَّفْعُ عَلَى الصِّفَةِ أَيْ: حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَيْ: كَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَعْلَمُ سِعَتَهُ إلَّا اللَّهُ وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا» وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ.

(وَإِنْ عَطَسَ) الْمُصَلِّي (حَالَ رَفْعِهِ) مِنْ الرُّكُوعِ (فَحَمِدَ) اللَّهَ (لَهُمَا جَمِيعًا) بِأَنْ قَالَ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " وَنَحْوَهُ مِمَّا وَرَدَ نَاوِيًا بِهِ الْعُطَاسَ، وَذَكَرَ الِانْتِقَالَ (لَمْ يُجْزِئْهُ نَصًّا وَلَا تَبْطُلُ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْهُ لِلرَّفْعِ، وَصَحَّحَ الْمُوَفَّقُ الْإِجْزَاءَ، كَمَا لَوْ قَالَهُ ذَاهِلًا، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْآخَرِ (وَمِثْلُ ذَلِكَ: لَوْ أَرَادَ الشُّرُوعَ فِي الْفَاتِحَةِ فَعَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، يَنْوِي بِذَلِكَ عَنْ الْعُطَاسِ وَالْقِرَاءَةِ) لَمْ يُجْزِئْهُ، لِمَا تَقَدَّمَ (وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ تَمَامِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>