فَضِيلَةِ (الصَّلَاةِ) وَسُنَنِهَا (مَنْ رَفَعَ) يَدَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ، فَهُوَ (أَتَمُّ صَلَاةً مِمَّنْ لَمْ يَرْفَعْ) يَدَيْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَخْبَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى: لَا يَنْهَاك عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إلَّا مُبْتَدِعٌ، فَعَلَ ذَلِكَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَرْفَعُ مَنْ صَلَّى قَائِمًا وَجَالِسًا فَرْضًا وَنَفْلًا، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُسَبِّحْ فِي رُكُوعِهِ لَمْ يَعُدْ إلَى الرُّكُوعِ، إذَا ذَكَرَهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ) لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى رُكْنٍ مَقْصُودٍ، فَلَا يَعُودُ إلَى وَاجِبٍ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى التَّسْبِيحِ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ (فَقَدْ زَادَ رُكُوعًا، تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ نَسِيَ التَّسْبِيحَ.
(فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: عَادَ إلَى التَّسْبِيحِ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ (نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ بِذَلِكَ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) وُجُوبًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ (فَإِنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي هَذَا الرُّكُوعِ) الْعَائِدِ بِهِ إلَى التَّسْبِيحِ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا (لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ) لِأَنَّهُ مَلْغِيٌّ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي سُجُودِ السَّهْوِ) مُوَضَّحًا (ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَخِرُّ سَاجِدًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ) لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرَ شَرِيكٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ غَيْرٍ طَرِيقِ شَرِيكٍ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالْمُصَلِّي، وَأَحْسَنُ فِي الشَّكْلِ، وَرَأْيِ الْعَيْنِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَبْرُكْ بُرُوكَ الْبَعِيرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: حَدِيثُ وَائِلٍ أَصَحُّ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَبِتَقْدِيرِ مُسَاوَاتِهِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ، لِمَا رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأُمِرْنَا بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ» لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْيَدَيْنِ هُنَا الْكَفَّانِ (ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) .
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ وَيُمَكِّنُ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنْ الْأَرْضِ، لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَجَدَ أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنْ الْأَرْضِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيُمَكِّنُ (رَاحَتَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ) أَيْ: مِنْ مُصَلَّاهُ (وَيَكُونُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ذَكَرَ مِنْهَا أَطْرَافَ الْقَدَمَيْنِ (وَتَكُونُ) أَصَابِعُ رِجْلَيْهِ (مُفَرَّقَةً، إنْ لَمْ يَكُنْ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلٌ أَوْ خُفٌّ) وَتَكُونُ (مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute