للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرِ مَا مَرَّةٍ وَالسَّهْوُ عَنْ الصَّلَاةِ الَّذِي ذُمَّ فَاعِلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَلَا مِرْيَةَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: نَحْفَظُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثٍ فَسَجَدَ وَفِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَقَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْخَمْسَةُ، يَعْنِي حَدِيثَيْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ بُحَيْنَةَ (لَا يُشْرَعُ) سُجُودُ السَّهْوِ (فِي الْعَمْدِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ» فَعَلَّقَ السُّجُودَ عَلَى السَّهْوِ وَلِأَنَّهُ يُشْرَعُ جُبْرَانًا وَالْعَامِدُ لَا يُعْذَرُ فَلَا يَنْجَبِرُ خَلَلُ صَلَاتِهِ بِسُجُودِهِ، بِخِلَافِ السَّاهِي وَلِذَلِكَ أُضِيفَ السُّجُودُ إلَى السَّهْوِ (بَلْ) يُشْرَعُ (لِلسَّهْوِ بِوُجُودِ) شَيْءٍ مِنْ (أَسْبَابِهِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ وَشْكٌ) فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِهِ فِي ذَلِكَ (لِفَرْضٍ وَنَافِلَةٍ) أَيْ يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ بِوُجُودِ أَسْبَابِهِ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فَشُرِعَ لَهَا السُّجُودُ كَالْفَرِيضَةِ (سِوَى صَلَاةِ جِنَازَةٍ) لِأَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي صُلْبِهَا، فَفِي جَبْرِهَا أَوْلَى (وَ) سِوَى (سُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ) لِئَلَّا يَلْزَمَ زِيَادَةُ الْجَبْرِ عَلَى الْأَصْلِ.

(وَ) سِوَى (حَدِيثِ نَفْسٍ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

(وَ) سِوَى (نَظَرٍ إلَى شَيْءٍ) وَلَوْ طَالَ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ (وَ) سِوَى (سَهْوٍ فِي سَجْدَتَيْهِ) إجْمَاعًا حَكَاهُ إِسْحَاقُ (أَوْ بَعْدَهُمَا قَبْلَ سَلَامِهِ، سَوَاءً كَانَ سُجُودُهُ) لِلسَّهْوِ (بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَهُ) لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى التَّسَلْسُلِ.

(وَ) سِوَى (كَثْرَةِ سَهْوٍ أَيْ شَكٌّ حَتَّى يَصِيرَ كَوَسْوَاسٍ، فَيَطْرَحهُ وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْو مَا ذُكِرَ كَالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ الْوَسْوَاسَ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ فَيُفْضِي إلَى زِيَادَةٍ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا فَوَجَبَ اطِّرَاحُهُ وَاللَّهْوُ عَنْهُ لِذَلِكَ (وَلَا) سُجُودَ لِلسَّهْوِ (فِي صَلَاةِ خَوْفٍ قَالَهُ فِي الْفَائِقِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهَا، فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ فِي الْخَوْفِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قُلْتُ فَيُعَايَا بِهَا لَكِنْ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَتَأْتِي أَحْكَامُ سُجُودِ السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يَشْتَدَّ، فِي الْوَجْهِ الثَّانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>