ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ تَفْصِيلِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَحُكْمِهَا، وَبَدَأَ بِالزِّيَادَةِ ثُمَّ هِيَ إمَّا زِيَادَةُ أَفْعَالٍ أَوْ أَقْوَالٍ وَزِيَادَةُ الْأَفْعَالِ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَمَتَى زَادَ) الْمُصَلِّي فِعْلًا (مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ: قِيَامًا أَوْ قُعُودًا، أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهُ بِهَا يُخِلُّ بِنَظْمِ الصَّلَاةِ وَيُغَيِّرُ هَيْئَتَهَا فَلَمْ تَكُنْ صَلَاةً، وَلَا فَاعِلَهَا مُصَلِّيًا.
(وَ) إنْ زَادَ ذَلِكَ سَهْوًا وَلَوْ كَانَ الْجُلُوسُ الَّذِي زَادَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ (قَدْرَ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) عَقِبَ رَكْعَةٍ بِأَنْ جَلَسَ عَقِبَهَا لِلتَّشَهُّدِ، سَوَاءٌ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِجُلُوسِهِ إنَّمَا أَرَادَ التَّشَهُّدَ سَهْوًا (سَجَدَ) لَهُ وُجُوبًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَإِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ سَهْوٌ فَتَدْخُلُ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ سَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ بَلْ هِيَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى فَشُرِعَ لَهَا السُّجُودُ، لِيَنْجَبِرَ النَّقْصُ.
(وَمَتَى ذَكَرَ) مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ عَادَ إلَى تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ لِإِلْغَاءِ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ لِيَجْلِسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَكَانَ مَوْضِعُ جُلُوسِهِ لِلْفَصْلِ أَوْ التَّشَهُّدِ ثُمَّ ذَكَرَ أَتَى بِذَلِكَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ قَبْلَ السُّجُودِ سَجَدَ لِذَلِكَ وَإِنْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ يَظُنُّهُ التَّشَهُّدَ وَطُولُهُ لَمْ يَجِبْ السُّجُودُ.
(وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ) مَنْ يُبَاحُ لَهُ (فَأَتَمَّ سَهْوًا فَفَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ) قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) اسْتِحْبَابًا لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُهَا.
(وَيَأْتِي) فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً) أَيْ قَامَ إلَى رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ، كَثَالِثَةٍ فِي صُبْحٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي مَغْرِبٍ أَوْ خَامِسَةٍ فِي ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ أَوْ عِشَاءٍ قَطَعَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ بِأَنْ يَجْلِسَ فِي الْحَالِ (مَتَى ذَكَرَ) بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْلِسْ لَزَادَ فِي الصَّلَاةِ عَمْدًا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لَهَا (وَبَنَى عَلَى فِعْلِهِ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لِعَدَمِ مَا يُلْغِيه.
(وَلَا يَتَشَهَّدُ، إنْ كَانَ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ تَشَهَّدَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمَ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَا يَعْتَدُّ) أَيْ لَا يَحْتَسِبُ (بِهَا) أَيْ بِالرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ مِنْ صَلَاتِهِ مَسْبُوقٌ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا يَعْتَدُّ بِهَا الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ الْحَالَ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا فَلَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِلْمَأْمُومِ (وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ الْقَائِمِ لِزَائِدَةٍ (فِيهَا مَنْ عَلِمَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ) لِأَنَّهَا سَهْوٌ وَغَلَطٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا مَسْبُوقٌ يَجْهَلُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَنَّهُ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute