للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُنْظُرْ مَا هُوَ أَصْلَحُ لِقَلْبِك فَافْعَلْهُ (وَقَالَ الشَّيْخُ: اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا: أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ الَّذِي لَمْ تَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ وَهِيَ) أَيْ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَسْتَوْعِبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (فِي غَيْرِ الْعَشْرِ تَعْدِلُ الْجِهَادَ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ.

وَقَدْ رَوَاهَا أَحْمَدُ (وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ غَيْرِهِ وَقَالَ: الْعَمَلُ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ أَفْضَلُ فِي الثَّغْرِ وَفِي غَيْرِهِ نَظِيرُهَا.

وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» .

وَفِي لَفْظٍ «كَاَلَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ» " (وَقَالَ) الشَّيْخُ: (تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي الْجِهَادِ، وَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ) مِنْ جِهَةِ أَنَّ بِهِ إقَامَةَ الْحُجَجِ عَلَى الْمُعَانِدِ، وَإِقَامَةَ الْأَدِلَّةِ فَهُوَ كَالْجِهَادِ بِالرَّأْيِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ.

(تَتِمَّةٌ) فِي خُطْبَةِ كِفَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ إنَّمَا تَشْرُفُ الْعُلُومُ بِحَسَبِ مُؤَدِّيَاتِهَا، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ الْبَارِي فَيَكُونُ الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَمَا يَجُوزُ، أَجَلُّ الْعُلُومِ وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ: الِاعْتِنَاءُ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَالتَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَيْسَ قَوْمٌ خَيْرًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَابَ عَلَى مُحَدِّثٍ لَا يَتَفَقَّهُ، وَقَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فَهِمًا فِي الْفِقْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَالَ أَحْمَدُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْ حِفْظِهِ.

وَفِي خُطْبَةِ مَذْهَبِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: بِضَاعَةُ الْفِقْهِ أَرْبَحُ الْبَضَائِعِ وَفِي كِتَابِ الْعِلْمِ لَهُ: الْفِقْهُ عُمْدَةُ الْعُلُومِ اهـ.

وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ أَفْضَلِيَّةَ الْفِكْرِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، فَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ وَيَكُونُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ عَمَلَ الْجَوَارِحِ، وَيُؤَيِّدُهُ: حَدِيثُ «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ) وَحَدِيثُ «أَوْثَقُ عُرَى الْإِسْلَامِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ» وَقَدْ جَاءَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَاهُ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ (وَآكَدُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ صَلَاةُ الْكُسُوفِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتْرُكْهَا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَسْقِي تَارَةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى (ثُمَّ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ (ثُمَّ التَّرَاوِيحُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ لَكِنَّهَا أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ مِنْ حَيْثُ مَشْرُوعِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لَهَا (ثُمَّ الْوِتْرُ) قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَوَجْهُهُ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ شُرِعَتْ لِلتَّرَاوِيحِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا تُشْرَعُ لَهُ الْجَمَاعَةُ تَبَعًا لِلتَّرَاوِيحِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَيْسَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>