فِي حَدِيثِ مَالِكٍ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ مَرَّةً وَحُذَيْفَةُ مَرَّةً (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِيهِمَا، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
وَتَصِحُّ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ (وَلَوْ بِأُنْثَى) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَالْإِمَامُ رَجُلٌ أَوْ أُنْثَى (أَوْ عَبْدٌ) وَالْإِمَامُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ مُبَعَّضٌ (فَإِنْ أَمَّ عَبْدَهُ، أَوْ) أَمَّ (زَوْجَتَهُ كَانَا جَمَاعَةً) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وَ (لَا) تَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ (بِصَغِيرٍ فِي فَرْضٍ) وَالْإِمَامُ بَالِغٌ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فِي الْفَرْضِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ صَغِيرًا فِي نَفْلٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ صَبِيٌّ فِي التَّهَجُّدِ وَعَنْهُ: يَصِحُّ أَيْضًا فِي الْفَرْضِ كَمَا لَوْ أَمَّ رَجُلًا مُتَنَفِّلًا قَالَهُ فِي الْكَافِي.
(وَهِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (وَاجِبَةٌ وُجُوبَ عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] فَأَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ حَالَ الْخَوْفِ، فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى يُؤَكِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] .
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَثْقَلُ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ، ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقُ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّ رَجُلًا أَعْمَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ: قَالَ فَأَجِبْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ وَيُعَضِّدُ وُجُوبَ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَهَا حَالَ الْخَوْفِ عَلَى صِفَةٍ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْأَمْنِ، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ وَأَبَاحَ الْجَمْعَ لِأَجْلِ الْمَطَرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا مُحَافَظَةً عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمَا جَازَ ذَلِكَ (لَا وُجُوبَ كِفَايَةٍ) كَأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لَا يُؤَذِّنُونَ وَلَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(فَيُقَاتَلُ تَارِكُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute