احْتِمَالُ تَسَاوِيهِمَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ وَهُوَ الْجَزَاءُ وَالْفَضْلُ بِالْمُضَاعَفَةِ.
(وَتُسَنُّ) الْجَمَاعَةُ (فِي مَسْجِدٍ) لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الشِّعَارِ، وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ (وَلَهُ فِعْلُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (فِي بَيْتِهِ وَ) فِي (صَحْرَاءَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَ) فِعْلُهَا (فِي مَسْجِدٍ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ، وَحَدِيثُ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» يَحْتَمِلُ: لَا صَلَاةَ كَامِلَةٌ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِقَامَتُهَا فِي الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا قَرِيبٌ مِنْ إقَامَتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَهَابُهُ إلَى الْمَسْجِدِ يُؤَدِّي إلَى انْفِرَادِ أَهْلِهِ فَالْمُتَّجَهُ إقَامَتُهَا فِي بَيْتِهِ فَذًّا، تَحْصِيلًا لِلْوَاجِبِ وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ فَذًّا، وَبَيْنَ فِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ تَحْصِيلًا لِلْوَاجِبِ، وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ يَسِيرَةٍ وَفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ، كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى.
(وَتُسْتَحَبُّ) الْجَمَاعَةُ (لِنِسَاءٍ، إذَا اجْتَمَعْنَ مُنْفَرِدَاتٍ عَنْ الرِّجَالِ، سَوَاءٌ كَانَ إمَامُهُنَّ مِنْهُنَّ أَوْ لَا) لِفِعْلِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، «وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أُمَّ وَرَقَةَ أَنْ تَجْعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ أَشْبَهْنَ الرِّجَالَ (وَيُبَاحُ لَهُنَّ حُضُورُ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ، تَفِلَاتٍ غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ) يُقَالُ: تَفِلَتْ الْمَرْأَةُ تَفَلًا، مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا أَنْتَنَ رِيحُهَا لِتَرْكِ الطِّيبِ وَالِادِّهَانِ وَتَفِلَتْ إذَا تَطَيَّبَتْ، مِنْ الْأَضْدَادِ، وَذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ) ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ وَفِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَكَوْنُهُنَّ تَفِلَاتٍ لِئَلَّا يَفْتِنَّ وَكَوْنُهُ بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَحْرُمُ خُرُوجُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا.
(وَيُكْرَهُ حُضُورُهَا) أَيْ جَمَاعَةَ الرِّجَالِ (لِحَسْنَاءَ) شَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةَ الِافْتِتَانِ (وَيُبَاحُ) الْحُضُورُ (لِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْحَسْنَاءِ، تَفِلَةً غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ بِإِذْنِ زَوْجِهَا: وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا، لِلْخَبَرِ (وَكَذَا مَجَالِسُ الْوَعْظِ) وَأَوْلَى (وَتَأْتِي تَتِمَّتُهُ قَرِيبًا) أَوَاخِرَ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ.
(وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِهِ إلَى الْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ كَغِنَاءٍ لَمْ يَدَعْ الْمَسْجِدَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ بِالْمَسْجِدِ فَيَحْضُرُ (وَيُنْكِرُهُ) بِحَسَبِهِ (وَيَأْتِي) آخِرَ الْبَابِ (قَالَ الشَّيْخُ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ) إتْيَانُ الْمَسْجِدِ (إلَّا بِمَشْيِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَعَلَ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
(فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا، وَهُوَ) الْمَكَانُ (الْمَخُوفُ) مِنْ فُرُوجِ الْبُلْدَانِ (فَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِهِ: الِاجْتِمَاعُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى لِلْكَلِمَةِ، وَأَوْقَعُ لِلْهَيْبَةِ فَإِذَا جَاءَهُمْ خَبَرٌ عَنْ عَدُوِّهِمْ سَمِعَهُ جَمِيعُهُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute