أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَنْقَضِي إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْقَصْرِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ.
(وَمَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدٍ) كَأَنْ (أَقَامَ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ) وَلَمْ يَنْوِ حَالَ الْعَوْدِ إقَامَةً بِهِ تَمْنَعُ الْقَصْرَ (قَصَرَ، حَتَّى فِيهِ، نَصًّا) ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ، وَلَيْسَ كَمَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ.
(وَإِنَّ عَزَمَ عَلَى إقَامَةٍ طَوِيلَةٍ فِي رُسْتَاقٍ) أَيْ نَاحِيَةٍ مِنْ أَطْرَافِ الْإِقْلِيمِ وَالْمُرَادُ بِهِ: الْمُعَامَلَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَمْكِنَةٍ (يَنْتَقِلُ فِيهِ) أَيْ الرُّسْتَاقِ (مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ لَا يَجْمَعُ) أَيْ لَا يَعْزِمُ مِنْ جَمْعٍ بِمَعْنَى نَوَى (عَلَى الْإِقَامَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا) أَيْ الْقُرَى (مُدَّةً تُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ) أَيْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (قَصَرَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ عَشَرًا بِمَكَّةَ وَعَرَفَةَ وَمِنًى يَقْصُرُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ كُلِّهَا» ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ كَأَنْ يَقُولَ: إنْ لَقِيتَ فُلَانًا فِي هَذَا الْبَلَدِ أَقَمْتَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ لَمْ يَلْقَهُ) فِي الْبَلَدِ (فَلَهُ حُكْمُ السَّفَرِ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقَ عَلَيْهِ الْإِقَامَةَ.
(وَإِنْ لَقِيَهُ بِهِ صَارَ مُقِيمًا) لِاسْتِصْحَابِهِ حُكْمَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ فَسَخَ نِيَّتَهُ الْأُولَى) لِلْإِقَامَةِ (قَبْلَ لِقَائِهِ أَوْ حَالَ لِقَائِهِ) فَإِنْ فَسَخَهَا إذَنْ فَلَهُ الْقَصْرُ.
(وَإِنْ فَسَخَ) النِّيَّةَ (بَعْدَ لِقَائِهِ، فَهُوَ كَمُسَافِرٍ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الْقَصْرِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ السَّفَرُ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فِي مَوْضِعِ إقَامَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ ثَبَتَ لَهُ فِيهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ أَشْبَهَ وَطَنَهُ (حَتَّى يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ) وَيُفَارِقَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَالْمَلَّاحُ) صَاحِبُ السَّفِينَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ فِي السَّفِينَةِ، أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِبَلَدٍ لَا يَتَرَخَّصُ) بِقَصْرٍ وَلَا فِطْرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاعِنٍ عَنْ وَطَنِهِ وَأَهْلِهِ أَشْبَهَ الْمُقِيمَ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِلسَّفَرِ الْمُبِيحِ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا، بِخِلَافِ الدَّائِمِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمَلَّاحِ (أَهْلٌ وَلَيْسُوا مَعَهُ، تَرَخَّصَ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسَافِرِينَ،؛ لِأَنَّ الشَّبَهَ حَقِيقَةٌ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْمَلَّاحِ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ (مُكَارٍ وَرَاعٍ وَفَيْجٌ) بِالْجِيمِ (وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ وَبَرِيدٌ وَنَحْوُهُمْ) كَالسَّاعِي، فَلَا يَتَرَخَّصُونَ إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَهْلُهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ نِيَّةُ إقَامَةٍ بِبَلَدٍ (نَصًّا) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَهْلٌ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَهْلٌ وَلَيْسُوا مَعَهُمْ، فَلَهُمْ التَّرَخُّصُ.
(وَعَرَبُ الْبَدْوِ الَّذِينَ حَيْثُ وَجَدُوا الْمَرْعَى رَعَوْهُ يُصَلُّونَ تَمَامًا،؛ لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فِي أَوْطَانِهِمْ) وَلَا يُبَاحُ لَهُمْ الْفِطْرُ بِرَمَضَانَ لِذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ لَهُمْ سَفَرٌ مِنْ الْمَصِيفِ إلَى الْمَشْتَى، وَمِنْ الْمَشْتَى إلَى الْمَصِيفِ كَمَا لِلتَّرْكِ فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ فِي مُدَّةِ هَذَا السَّفَرِ) حَيْثُ بَلَغَ الْمَسَافَةَ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ وَالْفِطْرُ) لِوُجُودِ مُبِيحِهِمَا، وَهُوَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ.
(وَلَا عَكْسَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute