للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْأَعْذَارِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْعِشَاءَيْنِ وَهِيَ سِتَّةٌ فَقَالَ: (وَيَجُوزُ) الْجَمْعُ (بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لَا الظُّهْرَيْنِ لِمَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ، زَادَ جَمْعٌ: أَوْ) يَبُلُّ (النَّعْلَ أَوْ الْبَدَنَ، وَتُوجَدُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ) رَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ» " وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ " وَ (لَا) يُبَاحُ الْجَمْعُ لِأَجْلِ (الظِّلِّ) وَلَا لِمَطَرٍ خَفِيفٍ لَا يَبُلُّ الثِّيَابَ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ.

(وَ) يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ دُونَ الظُّهْرَيْنِ (لِثَلْجٍ وَبَرَدٍ) لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَطَرِ.

(وَ) يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِ (جَلِيدٍ) لِأَنَّهُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ (وَوَحْلٍ وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ) .

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: " إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ " زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ " لَيْلًا " وَزَادَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي " مَعَ ظُلْمَةٍ.

قَالَ الْقَاضِي: وَإِذَا جَاءَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْبَرْدِ كَانَ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْوَحْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَشَقَّةَ الْبَرْدِ بِأَعْظَمَ مِنْ مَشَقَّةِ الْوَحْلِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ «جَمَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» وَلَا وَجْهَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا الْوَحْلُ أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمَرَضِ.

قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْعُذْرِ وَالنَّسْخِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى فَائِدَةٍ، فَيُبَاحُ الْجَمْعُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ (حَتَّى لِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، أَوْ) يُصَلِّي (فِي مَسْجِدِ طَرِيقِهِ تَحْتَ سَابَاطٍ وَلِمُقِيمٍ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ خُطُوَاتٌ يَسِيرَةٌ.

(وَلَوْ لَمْ يَنَلْهُ إلَّا يَسِيرٌ) لِأَنَّ الرُّخْصَةَ الْعَامَّةَ يَسْتَوِي فِيهَا وُجُودُ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمُهَا كَالسَّفَرِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ هَذِهِ بِالْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ إلَّا فِيهِمَا وَمَشَقَّتُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يُفْعَلَانِ فِي الظُّلْمَةِ وَمَشَقَّةُ السَّفَرِ لِأَجْلِ السَّيْرِ وَفَوَاتِ الرُّفْقَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

(وَفِعْلُ الْأَرْفَقِ بِهِ) أَيْ بِمَنْ يُبَاحُ لَهُ الْجَمْعُ (مِنْ تَأْخِيرٍ وَتَقْدِيمٍ أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ) لِحَدِيثِ مُعَاذٍ السَّابِقِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: قُلْت لَهُ " مَعَ مَنْ كَتَبْت هَذَا عَنْ اللَّيْثِ قَالَ: مَعَ خَالِدٍ الْمَدَائِنِيِّ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَخَالِدٌ هَذَا كَانَ يُدْخِلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى الشُّيُوخِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ «وَأَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ يَوْمًا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتُ الْإِسْنَادِ؛ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِحَالَةٍ كَسَائِرِ رُخَصِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِحَالَةِ السَّيْرِ؛ وَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (سِوَى جَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ فَيُقَدِّمُ) الْعَصْرَ (فِي عَرَفَةَ) وَيُصَلِّيهَا مَجْمُوعَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>