مَعَ الظُّهْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ (وَيُؤَخِّرُ) الْمَغْرِبَ لِيَجْعَلَهَا مَعَ الْعِشَاءِ (فِي مُزْدَلِفَةَ) عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهَا لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاشْتِغَالِهِ وَقْتَ الْعَصْرِ بِعَرَفَةَ بِالدُّعَاءِ، وَوَقْتَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ بِالسَّيْرِ إلَيْهَا (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الرِّفْقِ (فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ وَعَمَلٌ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا (سِوَى جَمْعِ عَرَفَةَ) فَالتَّقْدِيمُ فِيهِ أَفْضَلُ، لِمَا سَبَقَ وَإِنْ كَانَ الْأَرْفَقُ بِهِ التَّأْخِيرَ، اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ.
(وَيُشْتَرَطُ لِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى) ظُهْرًا كَانَتْ أَوْ مَغْرِبًا، وَهُوَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ (ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ) أَحَدُهَا (نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ إحْرَامِهَا) لِأَنَّهُ عَمَلٌ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَكُلُّ عِبَادَةٍ اُشْتُرِطَتْ فِيهَا النِّيَّةُ اُعْتُبِرَتْ فِي أَوَّلِهَا كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ.
(وَتَقْدِيمِهَا) أَيْ الْأُولَى (عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْجَمْعَيْنِ) أَيْ جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الشَّرْطُ بِجَمْعِ التَّقْدِيمِ (فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ (كَالتَّرْتِيبِ فِي الْفَوَائِتِ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ) لِأَنَّ إحْدَاهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا كَالْفَوَائِتِ.
قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيّ: التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرٌ هُنَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ الذِّكْرُ كَتَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ اهـ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَيُشْتَرَطُ لَهُ أَيْ لِلْجَمْعِ تَرْتِيبٌ مُطْلَقًا.
(وَ) الثَّانِي (الْمُوَالَاةُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِأَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ الْمُتَابَعَةُ وَالْمُقَارَنَةُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ التَّفْرِيقِ الطَّوِيلِ (إلَّا بِقَدْرِ إقَامَةٍ وَوُضُوءٍ خَفِيفٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَهُمَا مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ، وَظَاهِرُهُ تَقْدِيرُ الْيَسِيرِ بِذَلِكَ وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: أَنْ يُرْجِعَهُ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ فَإِنْ طَالَ الْوُضُوءُ بَطَلَ الْجَمْعُ (وَلَا يَضُرُّ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ الْخَفِيفِ (مِنْ تَكْبِيرِ عِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَذِكْرٍ وَتَلْبِيَةٍ.
(وَلَوْ) كَانَ الْكَلَامُ (غَيْرَ ذِكْرٍ) كَالسُّكُوتِ الْيَسِيرِ (فَإِنْ صَلَّى السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ وَغَيْرَهَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ (لَا) إنْ سَجَدَ بَيْنَهُمَا (سُجُودَ السَّهْوِ) وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْأُولَى (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةً وَلَوْ لَمْ تَطُلْ الصَّلَاةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَأَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ بَيْنَهُمَا فَلَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، وَمِنْ تَعَلُّقِ الْأُولَى وَتَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ كَلَامُ الْفُصُولِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَهُمَا.
(وَ) وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ) الْمُبِيحُ لِلْجَمْعِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ (مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاتَيْنِ) الْمَجْمُوعَتَيْنِ (وَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute