وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ فَيُؤَثِّرُ أَيْضًا فِي عَدَدِهَا كَمَا فِي الْوَجْهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَيُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (أَنْ يَكُونَ الْقِتَالُ مُبَاحًا، كَقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَالْمُحَارِبِينَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] وَقِيسَ عَلَيْهِمْ بَاقِي مَنْ يَجُوزُ قِتَالُهُ بِخِلَافِ الْقِتَالِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَلَا تُبَاحُ بِمَعْصِيَةٍ.
(قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ) بْنُ حَنْبَلٍ (صَحَّتْ) صَلَاةُ الْخَوْفِ (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَوْ سِتَّةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ أَوْ سَبْعَةٍ؟ كُلُّهَا جَائِزَةٌ) .
قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا، أَوْ تَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْهَا قَالَ أَنَا أَقُولُ: كُلُّ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهَا كُلِّهَا فَحَسَنٌ وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ فَأَنَا أَخْتَارُهُ اهـ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى عِلَّةِ اخْتِيَارِهِ لَهُ (فَمِنْ ذَلِكَ) الَّذِي صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَخِيفَ هُجُومُهُ صَلَّى بِهِمْ) إمَامٌ (صَلَاةَ) النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي (عُسْفَانَ) بَلَدٌ يَبْعُدُ عَنْ مَكَّةَ بِنَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ (فَيَصُفُّهُمْ) الْإِمَامُ (خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ، حَضَرًا كَانَ) الْخَوْفُ (أَوْ سَفَرًا وَصَلَّى بِهِمْ جَمِيعًا) مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ (إلَى أَنْ يَسْجُدَ فَيَسْجُدَ مَعَ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ وَيَحْرُسَ) الصَّفُّ (الْآخَرُ، حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدَ) الْمُتَخَلِّفُ (وَيَلْحَقَهُ، ثُمَّ الْأَوْلَى تَأَخُّرُ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَتَقَدُّمُ) الصَّفِّ (الْمُؤَخَّرِ) لِيَحْصُلَ التَّسَاوِي فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ.
وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ مُوَاجَهَةً لِلْعَدُوِّ (فَإِذَا سَجَدَ) الْإِمَامُ (فِي الثَّانِيَةِ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ الَّذِي حَرَسَ أَوَّلًا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَحَرَسَ) الصَّفُّ (الْآخَرُ) الَّذِي سَجَدَ مَعَهُ فِي الْأُولَى (حَتَّى يَجْلِسَ) الْإِمَامُ (لِلتَّشَهُّدِ فَيَسْجُدَ) الْحَارِسُ.
(وَيَلْحَقَهُ فَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ بِهِمْ) جَمِيعًا هَذِهِ الصِّفَةُ رَوَاهَا جَابِرٌ قَالَ «شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَفَّنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ وَالْعَدُوُّ خَلْفَهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ فَلَمَّا قَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute