وَرَفَعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ فَلَمَّا قَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَسَجَدَ ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمْنَاهُ جَمِيعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ.
وَرَوَى هَذِهِ الصِّفَةَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ «فَصَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ» (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (أَنْ لَا يَخَافُوا كَمِينًا) يَأْتِي مِنْ خَلْفِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْكَمِينُ، كَأَمِيرِ: الْقَوْمُ يَكْمُنُونَ فِي الْحَرْبِ (وَ) أَنْ (لَا يَخْفَى بَعْضُهُمْ) أَيْ الْكُفَّارُ (عَنْ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ خَافُوا كَمِينًا أَوْ خَفِيَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ صَلَّى عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا لَوْ كَانُوا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ.
(وَإِنْ حَرَسَ كُلُّ صَفٍّ مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ) فَلَا بَأْسَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ أَوْلَى، لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ جَعَلَهُمْ صَفًّا وَاحِدًا أَوْ حَرَسَ بَعْضُهُ وَسَجَدَ الْبَاقُونَ) ثُمَّ فِي الثَّانِيَةِ حَرَسَ السَّاجِدُونَ أَوَّلًا وَسَجَدَ الْآخَرُونَ فَلَا بَأْسَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (أَوْ حَرَسَ الْأَوَّلُ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَ) حَرَسَ (الثَّانِي فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ فَلَا بَأْسَ) ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْرُسَ صَفٌّ وَاحِدٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَعُدُولٌ عَنْ الْعَدْلِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ.
الْوَجْهُ (الثَّانِي: إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ فِي جِهَتِهَا وَلَمْ يَرَوْهُمْ أَوْ رَأَوْهُمْ) وَخَافُوا كَمِينًا أَوْ خَفِيَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ رَأَوْهُمْ وَلَمْ يَخَافُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
(وَ) لَكِنْ (أَحَبُّوا فِعْلَهَا كَذَلِكَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ) النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَزْوَةِ (ذَاتِ الرِّقَاعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ شَدُّوا الْخِرَقَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ لِفَقْدِ النِّعَالِ وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فِيهِ حُمْرَةٌ وَسَوَادٌ وَبَيَاضٌ كَأَنَّهَا خِرَقٌ وَقِيلَ: هِيَ غَزْوَةُ غَطَفَانَ وَقِيلَ: كَانَتْ نَحْوَ نَجْدٍ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فَيَقْسِمُهُمْ) الْإِمَامُ (طَائِفَتَيْنِ، تَكْفِي كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ) زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا، مَتَى خُشِيَ اخْتِلَالُ حَالِهِمْ وَاحْتِيجَ إلَى مَعُونَتِهِمْ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْهَضَ إلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ وَيَبْنُوا عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمْ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ عَدَدٌ) مَخْصُوصٌ، بَلْ كِفَايَةُ الْعَدُوِّ، لِأَنَّ الْغَرَضَ الْحِرَاسَةُ مِنْهُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ (فَإِنْ فَرَّطَ) الْإِمَامُ (فِي ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَتْ الطَّائِفَةُ لَا تَكْفِي الْعَدُوَّ (أَوْ) فَرَّطَ فِي (مَا فِيهِ حِفْظٌ لَنَا أَثِمَ وَيَكُونُ صَغِيرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute