للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ ضَوْئِهِ، وَالْخُسُوفُ لِذَهَابِهِ كُلِّهِ وَفِعْلُهَا ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ اسْتَنْبَطَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: ٣٧] (وَإِذَا كَسَفَ أَحَدُهُمَا فَزِعُوا إلَى الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ لَهُمَا أَمْرًا وَاحِدًا وَرَوَى أَحْمَدُ مَعْنَاهُ وَلَفْظُهُ «فَافْزَعُوا إلَى الْمَسَاجِدِ» .

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ: أَنَّ الْقَمَرَ خَسَفَ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ فَخَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ وَقَالَ " إنَّمَا صَلَّيْت كَمَا رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي ".

(وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَالنَّوَوِيُّ إجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ (حَضَرًا وَسَفَرًا حَتَّى لِلنِّسَاءِ) «لِأَنَّ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ صَلَّتَا مَعَ النَّبِيِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَإِنْ حَضَرَهَا غَيْرُ ذَوِي الْهَيْئَاتِ مَعَ الرِّجَالِ فَحَسَنٌ (وَلِلصِّبْيَانِ حُضُورُهَا) وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ حَامِدٍ لَهُمْ وَلِعَجَائِزَ كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ.

(وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ الْكُسُوفِ إلَى حِينِ التَّجَلِّي) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ حَتَّى يَنْجَلِيَ» (جَمَاعَةً) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَفُرَادَى) لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الِاسْتِيطَانُ فَلَمْ تُشْتَرَطْ لَهَا الْجَمَاعَةُ كَالنَّوَافِلِ.

(وَيُسَنُّ أَيْضًا ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالتَّكْبِيرُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ) مِنْ الْقُرَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ أَسْمَاءَ «إنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْعِتْقِ فِي الْكُسُوفِ» وَقَيَّدَ الْعِتْقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ بِالْقَادِرِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ ذَلِكَ، وَيَكُونَ عَامِلًا بِمُقْتَضَى التَّخْوِيفِ.

(وَ) يُسَنُّ (الْغُسْلُ لَهَا) أَيْ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَتَقَدَّمَ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ.

(وَفِعْلُهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا إذْنُ الْإِمَامِ وَلَا الِاسْتِسْقَاءِ، كَصَلَاتِهِمَا) أَيْ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ (مُنْفَرِدًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نَافِلَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>