وَلَيْسَ إذْنُهُ شَرْطًا فِي نَافِلَةٍ وَكَالْجُمُعَةِ وَأَوْلَى (وَلَا خُطْبَةَ لَهَا) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالصَّلَاةِ دُونَ الْخُطْبَةِ» وَإِنَّمَا خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الصَّلَاةِ لِيُعَلِّمَهُمْ حُكْمَهَا وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِهِ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ (وَإِنْ فَاتَتْ لَمْ تُقْضَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهَا بَعْدَ التَّجَلِّي، وَلَا أَمَرَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَوْدُ مَا ذَهَبَ مِنْ النُّورِ، وَقَدْ عَادَ كَامِلًا وَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ رَاتِبَةٍ وَلَا تَابِعَةٍ لِفَرْضٍ فَلَمْ تُقْضَ (كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ الشُّكْرِ) لِفَوَاتِ مَجَالِهَا.
(وَلَا تُعَادُ إنْ صَلَّيْت وَلَمْ يَنْجَلِ) الْكُسُوفُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (بَلْ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ وَيَسْتَغْفِرُهُ حَتَّى يَنْجَلِيَ) لِأَنَّهُ كُسُوفٌ وَاحِدٌ فَلَا تَتَعَدَّدُ الصَّلَاةُ لَهُ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ (وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ نَدْبًا) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى الْحَالِ وَفِي الرِّعَايَةِ: بِرَفْعِهِمَا وَنَصْبِهِمَا وَتَقَدَّمَ (وَيُجْزِئُ قَوْلُ: الصَّلَاةُ فَقَطْ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ.
(ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ) وَالْبَسْمَلَةِ (الْفَاتِحَةَ ثُمَّ الْبَقَرَةَ أَوْ قَدْرَهَا) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ سُورَةً طَوِيلَةً قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (جَهْرًا وَلَوْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ «صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (ثُمَّ يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا فَيُسَبِّحُ) مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَ (قَالَ جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُ (نَحْوَ مِائَةِ آيَةٍ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: بِقَدْرِ مُعْظَمِ الْقِرَاءَةِ وَقِيلَ: نِصْفَهَا (ثُمَّ يَرْفَعُ) مِنْ رُكُوعِهِ (فَيُسَمِّعُ) أَيْ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رَفْعِهِ (وَيَحْمَدُ) فِي اعْتِدَالِهِ، فَيَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَ) سُورَةً (دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى) قِيلَ: كَمُعْظَمِهَا.
وَفِي الشَّرْحِ آلُ عِمْرَانَ، أَوْ قَدْرَهَا (ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ) الرُّكُوعَ (وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، نِسْبَتُهُ) أَيْ الرُّكُوعِ الثَّانِي (إلَى الْقِرَاءَةِ كَنِسْبَةِ) الرُّكُوعِ (الْأَوَّلِ مِنْهَا) قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ فَيُسَبِّحُ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ آيَةٍ (ثُمَّ يَرْفَعُ) مِنْ الرُّكُوعِ وَيُسَبِّحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute