وَيَحْمَدُ (وَلَا يُطِيلُ اعْتِدَالَهُ) لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الرِّوَايَاتِ (ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ (لِأَنَّهُ) أَيْ السُّجُودَ الزَّائِدَ (لَمْ يَرِدْ) فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ السُّجُودَ مُتَكَرِّرٌ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ مُتَّحِدٌ.
(وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (ثُمَّ يَقُومُ إلَى) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (مِنْ الرُّكُوعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ يَكُونُ) فِعْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ (دُونَ) فِعْلِهِ (الْأَوَّلِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ فِيهَا وَمَهْمَا قَرَأَ بِهِ) .
مِنْ السُّوَرِ (جَازَ) لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْقِرَاءَةِ (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ) وَالْأَصْلُ فِيهِ: مَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَمَّعَ وَحَمِدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «خُسِفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» .
وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ «ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ» .
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ» (وَإِنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ فِيهَا أَتَمَّهَا خَفِيفَةً عَلَى صِفَتِهَا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ «فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّجَلِّي وَقَدْ حَصَلَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] .
وَشُرِعَ تَخْفِيفُهَا لِزَوَالِ السَّبَبِ (وَإِنْ شَكَّ فِي التَّجَلِّي) لِنَحْوِ غَيْمٍ (أَتَمَّهَا مِنْ غَيْرِ تَخْفِيفٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (فَيُعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي بَقَائِهِ) أَيْ الْكُسُوفِ.
(وَ) يُعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي (وُجُودِهِ) إذَا شَكَّ فِيهِ، فَلَا يُصَلِّي، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَإِنْ تَجَلَّى السَّحَابُ عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ الشَّمْسِ؟ وَكَذَا الْقَمَرُ (فَرَأَوْهُ صَافِيًا) لَا كُسُوفَ عَلَيْهِ (صَلَّوْا) صَلَاةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ.
(وَإِنْ تَجَلَّى) الْكُسُوفُ (قَبْلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ لَمْ يُصَلِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» فَجَعَلَهُ غَايَةً لِلصَّلَاةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا زَوَالُ الْعَارِضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute