(وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ، وَكَانُوا قَدْ تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ، خَرَجُوا وَصَلَّوْا شُكْرًا) لِلَّهِ تَعَالَى وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ شُرِعَتْ لِأَجْلِ الْعَارِضِ مِنْ الْجَدْبِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ النُّزُولِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ (لَمْ يَخْرُجُوا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَشَكَرُوا اللَّهَ، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ) قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧] وَإِنْ سُقُوا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ صَلَّوْا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَجْهًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا وَفِي الْخُطْبَةِ وَجْهَانِ.
(وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) قِيَاسًا عَلَى الْكُسُوفِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا إذْنُ الْإِمَامِ فِي الْخُرُوجِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْخُطْبَةِ) لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ أَشْبَهَتْ سَائِرَ النَّوَافِلِ فَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَأَهْلُ الْقُرَى وَيَخْطُبُ بِهِمْ أَحَدُهُمْ (وَلَا بَأْسَ بِالتَّوَسُّلِ بِالصَّالِحِينَ وَنَصُّهُ) فِي مَنْسَكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ أَنَّهُ يَتَوَسَّلُ (بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي دُعَائِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ اسْتَقُوا عَقِبَ صَلَوَاتِهِمْ أَوْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَصَابُوا السُّنَّةَ) ذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمْعٌ: أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ وَهُوَ أَكْمَلُهَا الثَّانِي اسْتِسْقَاءُ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي خُطْبَتِهَا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الثَّالِثُ: دُعَاؤُهُمْ عَقِبَ صَلَوَاتِهِمْ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ وَيُخْرِجُ رَحْلَهُ) هُوَ فِي الْأَصْلِ مَسْكَنُ الرَّجُلِ وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ الْأَثَاثِ.
(وَ) يُخْرِجُ (ثِيَابَهُ لِيُصِيبَهَا) الْمَطَرُ (وَهُوَ الِاسْتِمْطَارُ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَطَرٌ، فَحَسِرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنْ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: لِمَ صَنَعْت هَذَا؟ قَالَ لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْزِعُ ثِيَابَهُ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ إلَّا الْإِزَارَ يَتَّزِرُ بِهِ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ قَالَ لِغُلَامِهِ " أَخْرِجْ رَحْلِي وَفِرَاشِي يُصِبْهُ الْمَطَرُ " (وَيَغْتَسِلُ فِي الْوَادِي إذَا سَالَ وَيَتَوَضَّأُ) .
وَاقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْوُضُوءِ فَقَطْ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ - «إذَا سَالَ الْوَادِي - اُخْرُجُوا بِنَا إلَى الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرَ بِهِ» (وَيَقُول: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَعِبَارَةُ الْآدَابِ الْكُبْرَى بِالسِّينِ قَالَ: السَّيْبُ الْعَطَاءُ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ.
(وَإِذَا زَادَتْ الْمِيَاهُ لِكَثْرَةِ الْمَطَرِ فَخِيفَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا) أَيْ أَنْزِلْهُ حَوَالَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute