للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَرِيضِ خَوْفًا مِنْ الضَّجَرِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْعَمَلِ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ.

(وَتُكْرَهُ) الْعِيَادَةُ (وَسَطَ النَّهَارِ نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ عَنْ قُرْبِ وَسَطِ النَّهَارِ: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ عِيَادَةٍ.

(وَقَالَ يُعَادُ) الْمَرِيضُ (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَ) يُعَادُ (فِي رَمَضَانَ لَيْلًا) لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَأَى مِنْ الْمَرِيضِ مَا يُضْعِفُهُ.

(قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُغِبُّ بِهَا) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ خِلَافَهُ وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْعَمَلِ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ تُشْبِهُ الزِّيَارَةَ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي نَوَادِرِهِ الشِّعْرَ الْمَشْهُورَ:

لَا تُضْجِرَنَّ عَلِيلًا فِي مُسَاءَلَةٍ ... إنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بَيْنَ يَوْمَيْنِ

بَلْ سَلْهُ عَنْ حَالِهِ وَادْعُ الْإِلَهَ لَهُ ... وَاجْلِسْ بِقَدْرِ فَوَاقٍ بَيْنَ حَلْبَيْنِ

مَنْ زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ ... وَكَانَ ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ.

(وَيُخْبِرُ الْمَرِيضَ بِمَا يَجِدُهُ) مِنْ الْوَجَعِ (وَلَوْ لِغَيْرِ طَبِيبٍ بِلَا شَكْوَى، بَعْدَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ» وَكَانَ أَحْمَدُ أَوَّلًا يَحْمَدُ اللَّهَ فَقَطْ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ طَبِيبُ السُّنَّةِ وَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ صَارَ إذَا سَأَلَهُ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ إلَيْك أَجِدُ كَذَا أَجِدُ كَذَا (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (أَنْ يَصْبِرَ) وَكَذَا كُلُّ مُبْتَلًى، لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧] وَقَوْلُهُ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ» (وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ صَبْرٌ بِلَا شَكْوَى إلَى الْمَخْلُوقِ وَالشَّكْوَى إلَى الْخَالِقِ لَا تُنَافِيهِ) أَيْ الصَّبْرَ (بَلْ) هِيَ (مَطْلُوبَةٌ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ الزَّجَّاجِ: إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى إلَى النَّاسِ وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لَا مِنْهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الدُّعَاءَ؛ فَالْمَعْنَى يَا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ.

وَمِنْ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ: قَوْلُ أَيُّوبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>