مُوَضَّحًا.
(وَحَمْلُ الْمَيِّتِ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ) لِمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ " لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالْحَبَشِ، وَهُوَ مَكَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَنُقِلَ إلَى مَكَّةَ أَتَتْ قَبْرَهُ وَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دَفَنْتُك إلَّا حَيْثُ مِتَّ وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيَّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرَ غَرَضًا صَحِيحًا فِي نَقْلِهِ، وَأَنَّهُ تَأَذَّى بِهِ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيح فَلَا كَرَاهَةَ، لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ " إنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَا بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا إلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَاهُنَا، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ هَاهُنَا وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(وَيَجُوزُ نَبْشُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (إذَا دُفِنَ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَلَا حَنُوطٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُحَنَّطُ لِأَنَّهُ غَرَض صَحِيحٌ (وَكَإِفْرَادِهِ فِي قَبْرٍ عَمَّنْ دُفِنَ مَعَهُ) أَيْ يَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ لِقَوْلِ جَابِرٍ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ ".
وَفِي رِوَايَةٍ " كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ فَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ " رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
(وَالْحَائِضُ وَالْجُنُبُ إذَا مَاتَا كَغَيْرِهِمَا فِي الْغُسْلِ يَسْقُطُ غُسْلُهُمَا بِغُسْلِ الْمَوْتِ) لِتَدَاخُلِ الْمُوجِبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا، وَنَوَى أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ سَائِرُهَا وَفِي كَلَامِهِ: تَلْوِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى التَّنْقِيحِ، حَيْثُ قَالَ: غُسْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِتَعَيُّنِ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ وَيَسْقُطَانِ بِهِ وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى ثَوَابِ فَرْضِ الْعَيْنِ إذَنْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَيَّنُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ فَاَلَّذِي يَتَوَلَّى غُسْلَهُ يَنُوبُ مَنَابَهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ (وَيُشْتَرَطُ لَهُ) أَيْ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ مَاءٌ طَهُورٌ مُبَاحٌ، كَغُسْلِ الْحَيِّ.
(وَ) يُشْتَرَطُ لَهُ أَيْضًا (إسْلَامُ غَاسِلٍ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا (وَنِيَّتُهُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَعَقْلُهُ) لِأَنَّ غَيْر الْعَاقِل لَيْسَ أَهْلًا لِلنِّيَّةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ) الْغَاسِلُ (ثِقَةً أَمِينًا عَارِفًا بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ) وَنَقَلَ حَنْبَلُ: لَا يَنْبَغِي إلَّا ذَلِكَ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
(وَلَوْ) كَانَ الْغَاسِلُ (جُنُبًا وَحَائِضًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْغُسْلَ لِنَفْسِهِ فَكَذَا لِغَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) هُوَ ظَاهِرٌ الْمُنْتَهَى وَغَيْرُهُ، حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرُبَاهُ.
(وَإِنْ حَضَرَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ (مُسْلِمٌ) عَاقِلٌ وَلَوْ مُمَيِّزًا (وَنَوَى غُسْلَهُ وَأَمَرَ كَافِرًا بِمُبَاشَرَةِ غُسْلِهِ فَغَسَّلَهُ) الْكَافِرُ (نَائِبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْلِمِ (فَظَاهِرُ كَلَامِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ: لَا يَصِحُّ) غُسْلُهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ فَلَا يُطَهِّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute