شَيْءٍ مِنْ أَطْرَافِ الْمَيِّتِ وَإِتْلَافُ ذَاتِهِ، وَإِحْرَاقُهُ) لِحَدِيثِ «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» وَلِبَقَاءِ حُرْمَتِهِ.
(وَلَوْ أَوْصَى بِهِ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَطْعِ وَالْإِتْلَافِ وَالْإِحْرَاقِ فَلَا نَتَّبِعُ وَصِيَّتَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا ضَمَانَ فِيهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ إذَا قُطِعَ طَرَفُهُ أَوْ أُتْلِفَ أَوْ أُحْرِقَ (وَلِوَلِيِّهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ (أَنْ يُحَامِيَ عَنْهُ) أَيْ: يَدْفَعَ عَنْهُ مَنْ أَرَادَ قَطْعَ طَرَفِهِ وَنَحْوِهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، كَدَفْعِ الصَّائِلِ.
(وَإِنْ آلَ ذَلِكَ إلَى إتْلَافِ الْمُطَالِبِ، فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الدَّافِعِ، كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ (وَمَنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ فَدُفِنَ قَبْلَهُ، لَزِمَ نَبْشُهُ) تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ (وَ) لَزِمَ (تَغْسِيلُهُ) وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ.
(وَيَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ وَعَلَى هَذَا اسْتَمَرَّ فِعْلُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَقِلَّةِ مَنْ يَدْفِنُهُمْ، وَخَوْفِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ: «ادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَإِذَا دُفِنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَ (إنْ شَاءَ سَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ حَفَرَ قَبْرًا طَوِيلًا، وَجَعَلَ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمَوْتَى (عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ أَوْ) عِنْدَ (وَسَطِهِ، كَالدَّرَجِ وَيَجْعَلُ رَأْسَ الْمَفْضُولِ عِنْدَ رِجْلَيْ الْفَاضِلِ وَيُسَنُّ حَجْزُهُ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ) لِيَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ، كَأَنَّهُ فِي قَبْرٍ مُنْفَرِدٍ (وَالتَّقْدِيمُ إلَى الْقِبْلَةِ كَالتَّقْدِيمِ إلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيُسَنُّ) .
أَنْ يُقَدَّمَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْقَبْرِ، لِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثْرَةُ الْجِرَاحَاتِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: احْفِرُوا وَوَسِّعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) عِنْدَ بَيَانِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (وَلَا يُنْبَشُ قَبْرُ مَيِّتٍ بَاقٍ، لِمَيِّتٍ آخَرَ) أَيْ: يَحْرُمُ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ.
(وَمَتَى عُلِمَ) أَنَّ الْمَيِّتَ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا (وَمُرَادُهُمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ (ظُنَّ أَنَّهُ بَلِيَ، وَصَارَ رَمِيمًا؛ جَازَ نَبْشُهُ، وَدُفِنَ غَيْرُهُ فِيهِ) أَيْ: الْقَبْرِ مَكَانَهُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْهَوَاءِ، وَهُوَ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ أَسْرَعُ مِنْهُ فِي الْبَارِدَةِ.
(وَإِنْ شُكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي أَنَّهُ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا (رُجِعَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ: الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ (فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ فِيهَا) أَيْ: الْأَرْضِ (عِظَامًا دَفَنَهَا) أَيْ: الْعِظَامَ، أَيْ: أَبْقَاهَا مَكَانَهَا، وَأَعَادَ التُّرَابَ كَمَا كَانَ وَلَمْ يَجُزْ دَفْنُ مَيِّتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute