آخَرَ عَلَيْهِ نَصًّا (وَحَفَرَ فِي مَكَان آخَرَ) خَالٍ مِنْ الْأَمْوَاتِ.
(وَإِذَا صَارَ) الْمَيِّتُ (رَمِيمًا، جَازَتْ الزِّرَاعَةُ وَالْحِرَاثَةُ) أَيْ: مَوْضِعَ الدَّفْنِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالْبِنَاءِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِرْ (فَلَا) يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: (وَالْمُرَادُ) أَيْ: بِقَوْلِ أَبِي الْمَعَالِي: تَجُوزُ الزِّرَاعَةُ وَالْحَرْثُ وَنَحْوُهُمَا إذَا صَارَ رَمِيمًا (إذَا لَمْ يُخَالَفْ شَرْطُ وَاقِفٍ، لِتَعْيِينِهِ الْجِهَةِ) بِأَنْ عَيَّنَ الْأَرْضَ لِلدَّفْنِ فَلَا يَجُوزُ حَرْثُهَا وَلَا غَرْسُهَا وَتَحْرُمُ عِمَارَةُ الْقَبْرِ إذَا دَثَرَ الَّذِي غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَلَاءُ صَاحِبِهِ وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ لِئَلَّا يَتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْجَدِيدِ فَيَمْتَنِعُ النَّاسُ مِنْ الدَّفْنِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ الْحَفْرِ فِيهَا قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(وَيَجُوزُ نَبْشُ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ لِيُتَّخَذَ مَكَانُهَا مَسْجِدًا) لِأَنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قُبُورًا لِلْمُشْرِكِينَ، فَأَمَرَ بِنَبْشِهَا وَجَعْلِهَا مَسْجِدًا (أَوْ) أَيْ: وَيَجُوزُ نَبْشُ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ (لِمَالٍ فِيهَا، كَقَبْرِ أَبِي رِغَالٍ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ» وَآيَةُ ذَلِكَ: «أَنَّ مَعَهُ غُصْنًا مِنْ ذَهَبٍ، إنْ رَأَيْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْنَ» وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ أَوْصَى بِبِنَاءِ دَارِهِ مَسْجِدًا فَخَرَجَتْ مَقْبَرَةٌ، فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يُخْرَجُوا وَإِلَّا أُخْرِجَتْ عِظَامُهُمْ تَنْبِيهٌ أَبُو رِغَالٍ: يُرْجَمُ قَبْرُهُ وَكَانَ دَلِيلًا لِلْحَبَشَةِ، حَيْثُ تَوَجَّهُوا إلَى مَكَّةَ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ.
(وَلَوْ وَصَّى بِدَفْنِهِ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ) أَيْ: دَفْنُهُ بِمِلْكِهِ (يَضُرُّ الْوَرَثَةَ) لِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَيَكُونُ مَنْفِيًّا لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (وَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ، وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ) فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلِهَذَا حَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْرَجْ مِنْ ثُلُثِهِ وَمَا قَالَهُ مُتَّجَهٌ وَبَعَّدَهُ بَعْضُهُمْ.
وَفِي الْوَسِيلَةِ: فَإِنْ أَذِنُوا كُرِهَ دَفْنُهُ فِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَمُرَادُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِالْأَوَّلِ: مَا إذَا أَوْصَى بِدَفْنِهِ فِي مِلْكِهِ قُلْتُ: الْأَوْلَى حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكٍ فِي الْعُمْرَانِ، كَمَا يَدُلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْوَسِيلَةِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى شِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ فِي مَقْبَرَةٍ غَيْرِ مُسَبَّلَةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ فِعْلِ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ، فَإِنَّهُمَا فِي الْبَقِيعِ.
(وَيَصِحُّ بِيَعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ) لِبَقَاءِ مَالِيَّتِهِ (مَا لَمْ يُجْعَلْ) مَا دُفِنَ فِيهِ مَقْبَرَةً، بِأَنْ وُقِفَ لِلدَّفْنِ فِيهِ (أَوْ يَصِرْ مَقْبَرَةً) بِأَنْ تَكْثُرَ فِيهِ الْمَوْتَى وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى مَعَ شَرْحِهِ: مَا لَمْ يُجْعَلْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute