وَ {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦] وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ» الْخَبَرُ وَجَوَابُهُ عَنْ الْآيَةِ الْأُولَى: بِأَنَّ ذَلِكَ فِي صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى قَالَ عِكْرِمَةُ: هَذَا فِي حَقِّهِمْ خَاصَّةً بِخِلَافِ شَرْعِنَا؛ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ، أَوْ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: ٢١] أَوْ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْكَافِرِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ إلَّا جَزَاءُ سَعْيِهِ، يُوَفَّاهُ فِي الدُّنْيَا وَمَالَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ نَصِيبٍ أَوْ أَنَّ مَعْنَاهَا لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى عَدْلًا، وَلَهُ مَا سَعَى غَيْرُهُ فَضْلًا أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: ٢٥] وَعَنْ الثَّانِيَةِ: بِأَنَّهَا تَدُلَّ بِالْمَفْهُومِ وَمَنْطُوقُ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ وَعَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ لَا عَمَلِهِ.
وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْفَاعِلِ بِالثَّوَابِ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ لَا كَصَلَاةٍ: هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي: إذَا صَلَّى فَرْضًا وَأَهْدَى ثَوَابَهُ صَحَّتْ الْهَدِيَّةُ وَأَجْزَأَ مَا عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ بُعْدٌ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا جَعَلَهَا لِغَيْرِ مُسْلِمٍ لَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ لِنَصٍّ وَرَدَ فِيهِ قَالَهُ فِي الْبِدْعِ، فَعَلَى هَذَا، لَا يُفْتَقَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ حَالَ الْقِرَاءَةِ نَصَّ عَلَيْهِ (وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ) فِي حُصُولِ الثَّوَابِ لِلْمَجْعُولِ لَهُ (إذَا نَوَاهُ حَالَ الْفِعْلِ) أَيْ: الْقِرَاءَةِ أَوْ الِاسْتِغْفَارِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) نَوَاهُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْفِعْلِ دُونَ مَا نَوَاهُ بَعْدَهُ نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَرَدَّهُ (وَيُسْتَحَبُّ إهْدَاءُ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ كَذَا لِفُلَانٍ) وَذَكَر الْقَاضِي أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ أَثَبْتَنِي عَلَى هَذَا فَاجْعَلْهُ أَوْ مَا تَشَاءُ مِنْهُ لِفُلَانٍ، وَ (قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْأَلَ الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَجْعَلُهُ لَهُ) أَيْ: لِلْمُهْدَى لَهُ (فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَثِبْنِي بِرَحْمَتِكَ عَلَى ذَلِكَ وَاجْعَلْ ثَوَابَهُ لِفُلَانٍ) وَلِلْمُهْدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute