ثَوَابُ الْإِهْدَاءِ وَذَكَرَ الْقَاضِي: وَلِلْمُهْدِي ثَوَابُ الْإِهْدَاءِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُثَابُ كُلٌّ مِنْ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى لَهُ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرَ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ الزُّبَيْرُ " فَعَمَدَتْ سَلْمَى مَوْلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ وَأَدَمَتْهُ بِزَيْتٍ جُعِلَ عَلَيْهِ، وَبَعَثَتْ بِهِ إلَيْهِمْ " وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ " فَمَا زَالَتْ السُّنَّةُ فِينَا حَتَّى تَرَكَهَا مَنْ تَرَكَهَا " وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَأَتَاهُمْ نَعْيُهُ، وَيَنْوِي فِعْلَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ (لَا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ، فَيُكْرَهُ) لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنْكَرَ شَدِيدًا، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَنْ جَرِيرٍ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ قَالَ: " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ ".
(وَيُكْرَهُ فِعْلُهُمْ) أَيْ: فِعْلُ أَهْلِ الْمَيِّتِ (ذَلِكَ) أَيْ: الطَّعَامِ (لِلنَّاسِ) الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُمْ، لِمَا تَقَدَّمَ (قَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) كَالشَّارِحِ (إلَّا مِنْ حَاجَةٍ) تَدْعُو إلَى فِعْلِهِمْ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ (كَأَنْ يَجِيئَهُمْ مَنْ يَحْضُرُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْبَعِيدَةِ وَيَبِيتُ عِنْدَهُمْ، فَلَا يُمْكِنُهُمْ) عَادَةً (إلَّا أَنْ يُطْعِمُوهُ) فَيَصْنَعُونَ مَا يُطْعِمُونَهُ لَهُ.
(وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِهِمْ، قَالَهُ فِي النَّظْمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) أَوْ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ (حَرُمَ فِعْلُهُ، وَ) حَرُمَ (الْأَكْلُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، أَوْ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَالْأَكْلُ مِنْهُ) لِخَبَرِ أَنَسٍ «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ " وَكَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: كَانُوا إذَا مَاتَ لَهُمْ الْمَيِّتُ نَحَرُوا جَزُورًا فَنَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ: وَفَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِغَيْرِ هَذَا.
(قَالَ الشَّيْخُ) يَحْرُمُ الذَّبْحُ (وَالتَّضْحِيَةُ) عِنْدَ الْقَبْرِ (وَلَوْ نَذَرَ ذَلِكَ نَاذِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوفِيَ بِهِ) كَمَا يَأْتِي فِي نَذْرِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ (فَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ لَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا وَأُنْكِرَ) أَيْ: أُدْخِلَ فِي الْمُنْكَرِ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَالْأَكْلِ مِنْهُ (أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْقَبْرِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ، لِيَأْخُذَهُ النَّاسُ، وَإِخْرَاجُ الصَّدَقَةِ مَعَ الْجِنَازَةِ) كَالَّتِي يُسَمُّونَهَا بِمِصْرَ كَفَّارَةً (بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ: أَوْ غَائِبٌ، وَإِلَّا فَحَرَامٌ (وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ) أَيْ: الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ (الصَّدَقَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ) فَإِنَّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ وَفِيهِ رِيَاءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute