للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالنَّبَاتِ وَالْأَوَانَيْ وَالْعَقَارِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ لِلسُّكْنَى وَلِلْكِرَاءِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَبِي دَاوُد «لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ» إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ الْوُجُوبِ إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ فِيهَا.

(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْوَالِ (إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (بِمَعْنَى الْأَدَاءِ) أَيْ: بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِبْ عَلَيْهِ أَدَاءُ الزَّكَاةِ حَالَ كُفْرٍ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْكُفَّارَ يُعَاقَبُونَ عَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ، كَالتَّوْحِيدِ (عَلَى كُلِّ كَافِرٍ) أَيْ: فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْكُفَّارِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذِ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: «إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى كَافِرٍ، كَالصِّيَامِ.

(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا) سَوَاءً حَكَمْنَا بِبَقَاءِ الْمِلْكِ مَعَ الرِّدَّةِ أَوْ زَوَالِهِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» .

(وَلَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى (عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ بِتَمْلِيكٍ) مِنْ سَيِّدٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ تَمْلِيكٍ، فَلَا مَالَ لَهُ، وَكَذَا الْأَمَةُ (وَزَكَاةُ مَا بِيَدِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ (عَلَى سَيِّدِهِ، وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ.

(وَلَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ (عَلَى مُكَاتَبٍ لِنَقْصِ مِلْكِهِ) فَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَهُ جَابِرُ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ حَاجَتِهِ إلَى فَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَاجَةِ الْحُرِّ الْمُفْلِسِ بِمَسْكَنِهِ، وَثِيَابِ بَذْلَتِهِ، فَكَانَ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(بَلْ) تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى (مُعْتَقٍ بَعْضُهُ) بِقَدْرِ مِلْكِهِ (فَيُزَكَّى) الْبَعْضُ (مَا مَلَكَ) مِنْ مَالٍ زَكَوِيٍّ (بِحُرِّيَّةٍ) أَيْ: بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ أَشْبَهَ الْحُرَّ.

(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (وَوَهَبَهُ شَيْئًا) زَكَوِيًّا (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ (كَانَ حُرًّا، فَلَهُ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا) كَانَ (وَهَبَهُ) لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ لَهُ بِنَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>