عَلَى أَنَّهُ مَلِكُهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِهِ وَيُزَكِّيه أَيْ: الْمَالَ السَّيِّدُ، لِمَا مَضَى لِأَنَّهُ مَالَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنْ تَرَكَهُ السَّيِّدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ حُرِّيَّتَهُ زَكَّاهُ لِآخِذٍ لَهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ تَامُّ الْمِلْكِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ حِينِ التَّرْكِ لِأَنَّهُ وَقْتَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، حَكَاهُ عَنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَكَذَا رَوَاهُ مَالِك فِي مُوَطَّئِهِ وَالشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَف لَهُمْ مُخَالِفٌ وَقَدْ قَالُوهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاشْتُهِرَ فَلَمْ يُنْكَر فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَفْظَةُ " الْأَغْنِيَاءِ " تَشْمَلُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ كَمَا شَمَلَتْهُمْ لَفْظَةُ الْفُقَرَاءِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «انْتَمُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا، أَوْ لَا تَسْتَهْلِكُهَا، الصَّدَقَةُ» وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ.
(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ) أَيْ: الَّذِي وُقِفَ لَهُ فِي إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَانْفَصَلَ حَيًّا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، مَا دَامَ حَمْلًا وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ يَجِبُ، لِحُكْمِنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِي الْوَرَثَةِ.
الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ: (مِلْكُ نِصَابٍ) لِلنُّصُوصِ وَلَا فَرْقَ بَيْن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُرَدُّ الرِّكَازُ، لِأَنَّ شَبَهَهُ بِالْغَنِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلِهَذَا وَجَبَ فِيهِ الْخُمْسُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الدَّيْنُ (فَ) النِّصَابُ (فِي أَثْمَانٍ وَعُرُوضٍ تَقْرِيبٌ) لَا تَحْدِيدٌ (فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ حَبَّتَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا فَهُوَ كَنَقْصِ الْحَوْلِ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمُوَاسَاةِ لِأَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ كَالْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَانْكِشَافِ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ، وَالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ، فَكَذَا هُنَا فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بَيِّنًا كَالدَّانِقَيْنِ لَمْ تَجِبْ.
(وَ) النِّصَابُ (فِي مَزْرُوعٍ) ثَمَرٍ وَزَرْعٍ (تَحْدِيدٌ) كَالْمَاشِيَةِ فَلَوْ نَقْصَ يَسِيرًا لَمْ تَجِبْ (وَقِيلَ) النِّصَابُ فِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ (تَقْرِيبٌ) كَالْأَثْمَانِ (فَلَا يُؤَثِّرُ) نَقْصٌ (نَحْوَ رَطْلَيْنِ) بِنَحْوِ الْبَغْدَادِيِّ (وَمُدَّيْنِ وَيُؤَثِّرَانِ) أَيْ: نَقْصُهُمَا (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَوَّلِ) وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْقَوْلَيْنِ (لَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ بِتَدَاخُلٍ فِي الْمَكَايِيلِ كَالْأُوقِيَّةِ) فَلَا يَمْنَعُ نَقْصُهَا الْوُجُوبَ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute