للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِمَّا نَعُدُّهُ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي إسْنَادِهِ جَعْفَرٌ وَخُبَيْبٌ مَجْهُولَانِ قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ: إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ (فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ) وَمِثْلِهِ: عَوْدُهَا إلَيْهِ بِطَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَسَخَ مِنْ قِبَلِهَا، لَا مِنْ قِبَلِهِ، وَمَضَى حَوْلَ التَّعْرِيفِ فِي اللُّقْطَةِ، لَمْ تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ (أَوْ مِلْكًا بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ) التِّجَارَةِ (ثُمَّ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا لَمْ تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ الثَّانِي (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بِعَرْضِ تِجَارَةٍ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ) التِّجَارَةِ، بَلْ يَكْفِيهِ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا، بِأَنْ لَا يَنْوِيَهَا لِلْقِنْيَةِ.

(وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ، فَنَوَاهُ لِلْقُنْيَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا: الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ دُونَ التِّجَارَةِ (ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ) لِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْأَصْلُ فَيَكْفِي فِي الرَّدِّ إلَيْهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ.

وَلِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فِيهَا فَإِذَا نَوَى الْقِنْيَةَ زَالَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فَفَاتَ شَرْطُ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ السَّائِمَةِ إذَا نَوَى عَلْفَهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ السَّوْمُ دُونَ نِيَّتِهِ (إلَّا حُلِيَّ اللُّبْسِ، إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَيَصِيرُ لَهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ الْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحُلِيِّ فَإِذَا نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى الْأَصْلِ.

(وَتُقَوَّمُ الْعُرُوض) الَّتِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهَا (عِنْدَ تَمَامِ) الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ (بِالْأَحَظِّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ وُجُوبًا مِنْ عَيْنٍ) أَيْ ذَهَبٍ (أَوْ وَرِقٍ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْوَرِقُ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَرَقٌ كَوَتِدٍ، وَوَرْقٌ كَفَلْسٍ، وَوَرَقٌ كَقَلَمٍ وَرِقَةٌ كَعِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَ) الْأَحَظُّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْآخِذِ (أَوَّلًا) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لِحَظِّ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَتُقَوَّمُ بِالْأَحَظِّ لَهُمْ وَسَوَاءٌ بَلَغْت قِيمَتُهَا أَيْ الْعُرُوضِ (بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْعَيْنِ وَالْوَرِقِ نِصَابًا، (أَوْ) بَلَغْت نِصَابًا (بِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (وَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتَرَيْت بِهِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ وَرِقٍ، لَا قَدْرًا وَلَا جِنْسًا) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِهَا بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ إبْطَالًا لِلتَّقْوِيمِ بِالْأَنْفَعِ.

فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا بِالدَّرَاهِمِ فَقَطْ قُوِّمَتْ بِهَا وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِالذَّهَبِ وَكَذَا عَكْسُهُ (وَلَا عِبْرَةَ بِنَقْصِهِ) أَيْ مَا قُوِّمَتْ بِهِ (بَعْدَ تَقْوِيمِهِ) إذَا كَانَ التَّقْوِيمُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ اسْتَقَرَّتْ كَمَا لَوْ تَلِفَ النِّصَابُ وَأَوْلَى (وَلَا) عِبْرَةَ بِزِيَادَتِهِ أَيْ زِيَادَةِ مَا قُوِّمَتْ بِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلُ، لِتَجَدُّدِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، بَلْ يُعْتَمَدُ بِهِ فِي الْقَابِلِ (إلَّا الْمُغَنِّيَةَ، فَتُقَوَّمُ سَاذَجَةً) لِأَنَّ صَنْعَةَ مَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ لَا قِيمَةَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>