للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ اجْتِهَادِ رَبِّ الْمَالِ، لِئَلَّا تَكُونَ مُبَادَرَتُهُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ بَعْضِ الزَّكَاةِ.

(وَإِنْ كَانَ) وَقْتُ مَجِيءِ الْعَامِلِ عَادَةً (فَائِتًا، فَاجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ أَنْفَذُ) فَلَا يَنْقُضُهُ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ بِلَا تُهْمَةٍ.

(وَإِنْ أَسْقَطَ الْعَامِلُ) عَنْ رَبِّ الْمَالِ بَعْضَ الزَّكَاةِ (أَوْ أَخَذَ) الْعَامِلُ (دُونَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَالِكُ) وَاجِبًا عَلَيْهِ (لَزِمَهُ) أَيْ رَبَّ الْمَالِ (الْإِخْرَاجُ) أَيْ إخْرَاجُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبِ (فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوُجُوبِ مَا عَلَيْهِ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ.

(وَإِنْ ادَّعَى الْمَالِكُ دَفْعَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (إلَى الْعَامِلِ وَأَنْكَرَ) الْعَامِلُ قَبْضَهَا مِنْهُ (صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي الدَّفْعِ) إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ بِلَا يَمِينٍ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَحَلَفَ الْعَامِلُ) أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَبَرِئَ) الْعَامِلُ لِلْفُقَرَاءِ، فَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِهَا.

(وَإِنْ ادَّعَى الْعَامِلُ دَفْعَهَا إلَى الْفَقِيرِ) وَنَحْوِهِ (فَأَنْكَرَ) الْفَقِيرُ وَنَحْوُهُ (صُدِّقَ الْعَامِلُ فِي الدَّفْعِ) إلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَ) صُدِّقَ (الْفَقِيرُ فِي عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ.

(وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْعَامِلِ (بِقَبْضِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ مِنْ رَبِّهَا (وَلَوْ عُزِلَ) الْعَامِلُ، كَحَاكِمٍ أُقِرَّ بِحُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ.

(وَإِنْ عَمِلَ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى زَكَاةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ؛ (لِأَنَّهُ يَأْخُذُ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُقَدَّمُ الْعَامِلُ بِأُجْرَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، بِخِلَافِهِمْ وَلِهَذَا إذَا عَجَزَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ أُجْرَتِهِ تُمِّمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ يُعْطَى الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ وَهُمْ أَشَدُّهُمْ حَاجَةً.

(وَإِنْ أُعْطَى) الْعَامِلُ مِنْ الزَّكَاةِ (فَلَهُ الْأَخْذُ، وَإِنْ تَطَوَّعَ بِعَمَلِهِ، لِقِصَّةِ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِرَ لَهُ بِعِمَالَةٍ فَقَالَ: إنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ، فَقَالَ: إذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي وَضْعِهَا غَيْرَ مَوْضِعِهَا) الْمَشْرُوعِ وَضْعُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ عَنْهُمْ بِهَا ضَرَرًا لِبَرَاءَتِهِمْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ مُطْلَقًا، وَ (لَا) تُقْبَلُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ (فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ، لَكِنَّهُمْ يُصَدَّقُونَ بِلَا يَمِينٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ شَهِدَ بِهِ) أَيْ بِأَخْذِ الْعَامِلِ الزَّكَاةَ (بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ (لِبَعْضٍ قَبْلَ التَّنَاكُرِ وَالتَّخَاصُمِ) بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَامِلِ قُبِلَ مِنْهُمْ ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (وَغَرِمَ الْعَامِلُ) لِلْفُقَرَاءِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَعْدَ التَّنَاكُرِ، وَالتَّخَاصُمِ (فَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِلْعَدَاوَةِ.

(وَإِنْ شَهِدَ أَهْلُ السُّهْمَانِ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ جَمْعُ سَهْمٍ كَالسِّهَامِ وَهُمْ أَهْلُ الزَّكَاةِ الْقَابِضُونَ لَهَا (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (أَوْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُمْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>