(وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) أَيْ الزَّكَاةُ (بِيَدِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَأُعْطِيَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛)
لِأَنَّهُ لِمَصَالِحِ
الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنْهَا.
(وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) الزَّكَاةُ (فَ) إنَّهُ يُعْطَى أُجْرَتَهُ (مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ) أَجْرُهُ (أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا) لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةٌ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ (وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ إعْطَاءَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَيُوَفِّرُ الزَّكَاةَ عَلَى بَاقِي الْأَصْنَافِ فَعَلَ (أَوْ) رَأَى الْإِمَامُ أَنْ (يَجْعَلَ لَهُ رِزْقًا فِيهِ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ نَظِيرَ عِمَالَتِهِ.
(وَلَا يُعْطِيه مِنْهَا شَيْئًا، فَعَلَ) الْإِمَامُ مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، مَعَ عَدَمِ الْمَفْسَدَةِ.
(وَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي الْعَامِلِ، إنْ شَاءَ أَرْسَلَهُ) لِقَبْضِ الزَّكَاةِ (مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا تَسْمِيَةِ شَيْءٍ، وَإِنْ شَاءَ عَقَدَ لَهُ إجَارَةً) بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، إمَّا عَلَى مَعْلُومٍ، أَوْ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ (ثُمَّ إنْ شَاءَ) الْإِمَامُ (جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (أَخْذَ الزَّكَاةِ وَتَفْرِيقَهَا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، حِينَ بَعْثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْيَمَنِ (أَوْ) جَعَلَ لَهُ (أَخْذَهَا فَقَطْ) وَيُفَرِّقُهَا الْإِمَامُ، وَهَذَا وَاضِحٌ، إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ وَمَا دُونَ الْمَسَافَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ، حَتَّى مِنْ السَّاعِي (فَإِنْ أَذِنَ) الْإِمَامُ (لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي تَفْرِيقِهَا أَوْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالتَّفْرِيقِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ تَفْرِيقُهَا فِي مُسْتَحِقِّيهَا؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد " أَنَّ زِيَادًا وَلَّى عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ الصَّدَقَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: أَوَلَكَ مَالٌ؟ بَعَثْتَنِي، أَخَذْنَاهَا كَمَا كُنَّا نَأْخُذُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَضَعْنَاهَا حَيْثُ كُنَّا نَضَعُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ لَهُ: لَا تُفَرِّقْهَا (فَلَا) يُفَرِّقُهَا، لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ.
(وَإِذَا تَأَخَّرَ الْعَامِلُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَشَاغُلًا بِأَخْذِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَوْ عُذْرٍ غَيْرَهُ، انْتَظَرَهُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يُخْرِجُوا) زَكَاتَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إلَّا مِنْ طَائِفَةٍ بَعْدَ طَائِفَةٍ، قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ إذَا خَشَوْا ضَرَرًا بِالْإِخْرَاجِ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، حَيْثُ لَا عُذْرَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَأَخُّرُهُ لِعُذْرٍ (أَخْرَجُوا) أَيْ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ زَكَاتَهُمْ (بِأَنْفُسِهِمْ) لِتَعَذُّرِ الدَّفْعِ إلَيْهِ (بِاجْتِهَادٍ) إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ (أَوْ تَقْلِيدِ) مُجْتَهِدٍ، إنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ (ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْعَامِلُ، وَقَدْ أَخْرَجُوا) زَكَاتَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ (وَكَانَ اجْتِهَادُهُ مُؤَدِّيًا إلَى إيجَابِ مَا يُسْقِطُ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ) إلَى (الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ رَبُّ الْمَالِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ وَقْتُ مَجِيئِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (بَاقِيًا) عَادَةً (فَاجْتِهَادُ الْعَامِلِ أَمْضَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute