أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ وَالزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ مَعَ حُسْنِ نِيَّاتِهِمَا وَإِسْلَامِهِمَا رَجَاءَ إسْلَامِ نُظَرَائِهِمَا.
(أَوْ) يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ (نُصْحُهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ) فِي (الدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) بِأَنْ يَكُونُوا فِي طَرَفِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا أُعْطُوا مِنْ الزَّكَاةِ دَفَعُوا الْكُفَّارَ عَمَّنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ كَفُّ شَرِّهِ كَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ، أَوْ قُوَّةً عَلَى جِبَايَةِ الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا) بِأَنْ يَكُونُوا إذَا أُعْطُوا مِنْ الزَّكَاةِ جَبَوْهَا مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا (إلَّا أَنْ يُخَوَّفَ وَيُهَدَّدَ، كَقَوْمٍ فِي طَرَفِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، إذَا أُعْطُوا مِنْ الزَّكَاةِ جَبَوْهَا مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا إلَّا بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّهْدِيدِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ضَعْفِ إسْلَامِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (إنَّهُ مُطَاعٌ فِي قَوْمِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤَلَّفِ الْمُسْلِمِ مَا يَأْخُذُهُ إنْ أُعْطِيَ لِيُكَفَّ شَرُّهُ، كَالْهَدِيَّةِ لِلْعَامِلِ) وَالرِّشْوَةِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُعْطِيَ لِيُكَفَّ شَرُّهُ، كَأَنْ أُعْطِيَ لِيُقَوَّى إيمَانُهُ أَوْ إسْلَامِ نَظِيرِهِ، أَوْ نُصْحِهِ فِي الْجِهَادِ أَوْ الدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِ (حَلَّ) لَهُ مَا أَخَذَهُ، كَبَاقِي أَهْلِ الزَّكَاةِ.
(الْخَامِسُ: الرِّقَابُ) لِلنَّصِّ (وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ وَفَاءَ مَا يُؤَدُّونَ، وَلَوْ مَعَ الْقُوَّةِ وَالْكَسْبِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ، أَيْ الْمُكَاتَبُونَ مِنْ الرِّقَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " أَعْتَقْتُ رِقَابِي " فَإِنَّهُ يَشْمَلُهُ، وَفِي قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] الْآيَةَ إشْعَارٌ بِهِ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَالَ عَلَى سَيِّدِهِ، وَيُصْرَفُ إلَيْهِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، فَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَجِدْ وَفَاءً، كَالْغَرِيمِ.
(وَلَا يَدْفَعُ) مِنْ الزَّكَاةِ (إلَى مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَجِيءِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ، إذْ لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ، وَلَا يُصْرَف إلَيْهِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ فَالْإِعْطَاءُ لَهُ إعْطَاءٌ لِسَيِّدِهِ، لَا فِي الرِّقَابِ (وَلِلْمُكَاتَبِ الْأَخْذُ قَبْلَ حُلُولِ نَجْمٍ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِهَا عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ.
(وَلَوْ تَلِفَتْ) الزَّكَاةُ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (أَجْزَأَتْ) رَبَّهَا، لِوُجُودِ الْإِيتَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَلَمْ يَغْرَمْهَا سَوَاءٌ عَتَقَ أَمْ لَا) كَالْغَارِمِ وَابْنِ السَّبِيلِ، (وَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ أَخْذًا مُرَاعًى.
(وَيَأْتِي قَرِيبًا، وَلَوْ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (تَبَرُّعًا مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَمَا مَعَهُ مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُكَاتَبِ (فِي قَوْلٍ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.
وَقِيلَ: مَعَ فَقْرِهِ، وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute