بَلْ لِلْمُعْطَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، قَالَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِلْمُكَاتَبَيْنِ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: أَنَّهُ يَرُدَّ مَا فَضَلَ إذَا عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ وَقَالَ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاك الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ اهـ وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَمَا فَضَلَ مَعَ غَارِمٍ وَمُكَاتَبٍ - إلَى آخِرِهِ (وَلَوْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ (أَوْ مَاتَ وَبِيَدِهِ وَفَاءٌ أَوْ اشْتَرَى بِالزَّكَاةِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ وَالْعِوَضُ بِيَدِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ) كَسَائِرِ مَالِهِ (وَيَجُوزُ الدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ الْإِمَامِ أَوْ الْمَالِكِ الزَّكَاةَ (إلَى سَيِّدِهِ) أَيْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ الْمُكَاتَبِ، كَوَفَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ بِهَا.
(وَهُوَ) أَيْ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (الْأَوْلَى) مِنْ دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَى الْمُكَاتَبِ، لِمَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَقَّ) الْمُكَاتَبُ (لِعَجْزِهِ) عَنْ الْوَفَاءِ (أُخِذَتْ مِنْ سَيِّدِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ دُفِعَتْ لِلْمُكَاتَبِ، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَ بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (أَسِيرًا مُسْلِمًا فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَكُّ رَقَبَةِ الْأَسِيرِ، فَهُوَ كَفَكِّ رَقَبَةِ الْعَبْدِ مِنْ الرِّقِّ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إعْزَازًا لِلدِّينِ، فَهُوَ كَصَرْفِهِ إلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلِأَنَّهُ يَدْفَعُهُ إلَى الْأَسِيرِ، كَفَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الْأَسْرِ، أَشْبَهَ مَا يَدْفَعُهُ إلَى الْغَارِمِ، لِفَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ.
(قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَمِثْلُهُ لَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَرَّمَهُ سُلْطَانٌ مَالًا، لِيَدْفَعَ جَوْرَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (رَقَبَةً يَعْتِقُهَا) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِلْقِنِّ، بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ، فَإِنَّ الرَّقَبَةَ تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إذَا أُطْلِقَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَ (لَا) يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الزَّكَاةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ، كَرَحِمٍ مَحْرَمٍ كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ زَكَاتِهِ عَاد إلَى رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى أَبِيهِ (وَلَا إعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ عُبَيْدًا لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إيتَاءً لِلزَّكَاةِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إخْرَاجِ الْعُرُوضِ أَوْ الْقِيمَةِ الْقِيمَةِ (وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ) رَقِيقًا (فَمَا رَجَعَ مِنْ وَلَائِهِ) إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ يَسْتَغْرِقُ (رُدَّ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ فِي رِوَايَةٍ) صَحَّحَهَا فِي الْإِنْصَافِ، وَقِيلَ: وَفِي الصَّدَقَاتِ أَيْضًا، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ اهـ قُلْتُ: يَأْتِي فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ رَبَّ الْمَالِ، فَالْوَلَاءُ لَهُ؛ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute