للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْتَقَ» (وَمَا أَعْتَقَهُ السَّاعِي مِنْ الزَّكَاةِ) أَوْ الْإِمَامُ مِنْهَا (فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ.

(وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ) إذَا عَتَقَ بِأَدَائِهِ مَالَ الْكِتَابَةِ مِنْ الزَّكَاةِ (فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ) لِلْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ عَتَقَ بِسَبَبِ كِتَابَتِهِ (وَلَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ لِجِهَةِ الْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ) مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَالْعَبْدُ لَا يُعْطَى لِفَقْرِهِ.

(السَّادِسُ: الْغَارِمُونَ) لِلنَّصِّ (وَهُمْ الْمَدِينُونَ) كَذَا فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَنْ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ ذَات الْبَيْنِ، وَلَوْ) كَانَ الْإِصْلَاحُ (بَيْنَ أَهْلِ ذِمَّةٍ، وَهُوَ) أَيْ مَنْ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ (مَنْ تَحَمَّلَ بِسَبَبِ إتْلَافِ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ أَوْ نَهْبٍ دِيَةً أَوْ مَالًا، لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ، وَيَتَوَقَّفُ صُلْحُهُمْ عَلَى مَنْ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ) فَيَتَحَمَّلُهُ إنْسَانٌ ثُمَّ يَخْرُجُ فِي الْقَبَائِلِ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، فَوَرَدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَةِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١] أَيْ وَصْلِكُمْ، وَالْبَيْنُ: الْوَصْلُ، وَالْمَعْنَى: كُونُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ الْهِلَالِيِّ قَالَ: «تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَأَلْتُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْتَزِمُ فِي مِثْل ذَلِكَ الْمَالَ الْعَظِيمَ الْخَطِيرَ، وَقَدْ أَتَى مَعْرُوفًا عَظِيمًا، وَابْتَغَى صَلَاحًا عَامًّا، فَكَانَ مِنْ الْمَعْرُوفِ حَمْلُهُ عَنْهُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَتَوْفِيرُ مَالِهِ عَلَيْهِ، لِئَلَّا يُجْحِفَ بِمَالِ الْمُصْلِحِينَ، أَوْ يُوهِنَ عَزَائِمَهُمْ عَنْ تَسْكِينِ الْفِتَنِ وَكَفِّ الْمَفَاسِدِ (فَيَدْفَعُ إلَيْهِ مَا يُؤَدِّي حَمَالَتَهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ الْمَالَ الَّذِي تَحَمَّلَهُ لِذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ قَبِيصَةَ (أَوْ) كَانَ (شَرِيفًا) أَيْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ أَخْذِهَا لِفَقْرِهِ صِيَانَةٌ لَهُ عَنْ أَكْلِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، وَإِذَا أَخَذَهَا لِلْغُرْمِ صَرَفَهَا إلَى الْغُرَمَاءِ، فَلَا يَنَالُهُ دَنَاءَةُ وَسَخِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>