(وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ) أَيْ مَا تَحَمَّلَهُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ) بَدَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ؛ (لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ الْغُرْمُ) فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَدِينًا.
(وَإِنْ اسْتَدَانَ) الْحَمَالَةَ (وَأَدَّاهَا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ) مِنْ الزَّكَاةِ؛ (لِأَنَّ الْغُرْمَ بَاقٍ) لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَدِينًا، بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ (وَمَنْ تَحَمَّلَ بِهِ بِضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ عَنْ غَيْرِهِ مَالًا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ غَرِمَ لِنَفْسِهِ) .
وَظَاهِرُ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْغَارِمِ عَنْ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَ الْأَصِيلُ وَالْحَمِيلُ) أَيْ الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ (مُعْسِرَيْنِ جَازَ الدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ قَدْرِ الدَّيْنِ مِنْ الزَّكَاةِ (إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَدِينٌ.
(وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا) مُوسِرًا (لَمْ يَجُزْ) الدَّفْعُ إلَيْهِمَا، وَلَا إلَى أَحَدِهِمَا (وَيَجُوزُ الْأَخْذُ) مِنْ الزَّكَاةِ (لِقَضَاءِ دَيْنِ اللَّهِ) تَعَالَى مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَحْوِهَا، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ.
(وَيَأْتِي) الضَّرْبُ (الثَّانِي) مِنْ ضَرْبَيْ الْغَارِمِ (مَنْ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ نَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ) كَمَنْ اسْتَدَانَ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ مَا اسْتَدَانَهُ وَصَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا (حَتَّى فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ الْكُفَّارِ، فَيَأْخُذُ) الْغَارِمُ لِنَفْسِهِ (إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ وَفَاءِ دَيْنِهِ، وَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْغَارِمُ لِنَفْسِهِ (وَمَنْ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَلَوْ قَبْلَ حُلُولِ دَيْنِهِمَا) لِظَاهِرِ خَبَرِ قَبِيصَةَ السَّابِقِ وَقِيسَ عَلَيْهِ الْغَارِمُ لِنَفْسِهِ.
(وَإِذَا دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ الْغَارِمِ (مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، لَمْ يَجُزْ) لَهُ (صَرْفُهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ أَخْذًا مُرَاعًى (وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْغَارِمِ) مِنْ الزَّكَاةِ (لِفَقْرِهِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ) لِمِلْكِهِ إيَّاهُ مِلْكًا تَامًّا، إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (ف) قَاعِدَةُ (الْمَذْهَبِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ (أَنَّ مَنْ أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ، وَهُوَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَالْعِمَالَةُ وَالتَّالِفُ، صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ كَسَائِرِ مَالِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ إلَيْهِمْ الزَّكَاةَ فَاللَّامُ الْمِلْكِ.
(وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ) الْأَخْذُ بِذَلِكَ السَّبَبِ (صَرَفَهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ (فِيمَا أَخَذَهُ لَهُ خَاصَّةً، لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) وَإِنَّمَا يَمْلُكُهُ مُرَاعًى، فَإِنْ صَرَفَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِهَا، وَإِلَّا اُسْتُرْجِعَ مِنْهُ، كَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ وَالْغَازِي وَابْنُ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ إلَيْهِمْ الزَّكَاةَ بِفِي، وَهِيَ لِلظَّرْفِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ يَأْخُذُونَ لِمَعْنًى يَحْصُلُ بِأَخْذِهِمْ، وَهُوَ إغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَتَأْلِيفُ الْمُؤَلَّفَةِ، وَأَدَاءُ أُجْرَةِ الْعَامِلِينَ، وَغَيْرُهُمْ يَأْخُذ لِمَعْنًى لَمْ يَحْصُلْ بِأَخْذِهِ لِلزَّكَاةِ، فَافْتَرَقَا.
(وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ) الْمَأْخُوذُ زَكَاةً (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ وَالْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ (إذَا بَرِئَ) الْمُكَاتَبُ أَوْ الْغَارِمُ (أَوْ لَمْ يَغْرَمْ) الْآخِذُ لِلْغُرْمِ، أَوْ فَضَلَ مَعَهُ، أَوْ مَعَ ابْنِ السَّبِيلِ شَيْءٌ (وَإِنْ وَكَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute