الْغَارِمُ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ) أَيْ رَبَّ الْمَالِ (قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ) أَوْ (فِي دَفْعِهَا إلَى الْغَرِيمِ عَنْ دَيْنِهِ، جَازَ) ذَلِكَ، وَبَرِئَ مِنْ الزَّكَاةِ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ.
وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لَوْ وَكَّلَ رَبَّ الْمَالِ فِي وَفَائِهِ دَيْنَ كِتَابَتِهِ (وَإِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ) زَكَاةً (إلَى الْغَرِيمِ) عَنْ دَيْنِ الْغَارِمِ (بِلَا إذْنِ الْفَقِيرِ) الْغَارِمِ (صَحَّ) وَبَرِئَ لِأَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَقَضَى بِهَا دَيْنَهُ (كَمَا أَنَّ لِلْإِمَامِ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنْ الْحَيِّ مِنْ الزَّكَاةِ بِلَا وَكَالَةٍ) لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي إيفَائِهِ وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ.
(السَّابِعُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لِلنَّصِّ (وَهُمْ الْغُزَاةُ) ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْغَزْوُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: ٤] وَقَوْلِهِ {قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٦٧] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ وَبَقَاءِ حُكْمِهِمْ إذَا كَانُوا مُتَطَوِّعَةً وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ (فِي الدِّيوَانِ) لِأَنَّ مَنْ لَهُ رِزْقٌ رَاتِبٌ يَكْفِيهِ فَهُوَ مُسْتَغْنٍ بِهِ (فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ كِفَايَةُ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ وَلَوْ مَعَ غِنَاهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ (وَمَتَى ادَّعَى أَنَّهُ يُرِيدُ الْغَزْوَ قُبِلَ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
(وَيُدْفَعُ إلَيْهِ دَفْعًا مُرَاعًى) فَإِنْ صَرَفَهُ فِي الْغَزْوِ، وَإِلَّا رَدَّهُ (فَيُعْطَى) الْغَازِي (ثَمَنَ السِّلَاحِ وَ) ثَمَنَ (الْفَرَسِ إنْ كَانَ فَارِسًا وَحُمُولَتَهُ) أَيْ مَا يَحْمِلُهُ مِنْ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ (و) ثَمَنَ (دِرْعِهِ وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) مِنْ آلَاتٍ، وَنَفَقَةِ ذَهَابٍ وَإِقَامَةٍ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَرُجُوعٍ إلَى بَلَدِهِ (وَيُتَمَّمُ لِمَنْ أَخَذَ) مِنْ الْغُزَاةِ (مِنْ الدِّيوَانِ دُونَ كِفَايَتِهِ مِنْ الزَّكَاةِ) فَيُعْطَى مِنْهَا تَمَامَ كِفَايَتِهِ (وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَازِي) مِنْ سِلَاحٍ وَخَيْلٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ يَصْرِفَهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغَازِي؛ (لِأَنَّهُ قِيمَةٌ) أَيْ إخْرَاجُ قِيمَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ (شِرَاؤُهُ فَرَسًا مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (يَصِيرُ حَبِيسًا) أَيْ يَحْبِسُهُ عَلَى الْغُزَاةِ (وَلَا) شِرَاؤُهُ (دَارًا وَلَا ضَيْعَةً لِلرِّبَاطِ أَوْ يَقِفُهَا عَلَى الْغُزَاةِ، وَلَا غَزْوُهُ عَلَى فَرَسٍ أَخْرَجَهُ مِنْ زَكَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ مَصْرِفًا لِزَكَاتِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ.
(فَإِنْ اشْتَرَى الْإِمَامُ بِزَكَاةِ رَجُلٍ فَرَسًا فَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (دَفْعُهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى رَبِّ الْمَالِ (يَغْزُو عَلَيْهَا) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِزَكَاتِهِ سِلَاحًا أَوْ دِرْعًا وَنَحْوِهِ، لِحُصُولِ الْإِيتَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَأَخْذُهُ لَهَا بَعْدُ بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ (كَمَالِهِ) أَيْ لِلْإِمَامِ (أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ زَكَاتَهُ لِفَقْرِهِ أَوْ غُرْمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ، كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ.
(وَلَا يَحُجُّ أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute