بِزَكَاةِ مَالِهِ، وَلَا يَغْزُو) بِزَكَاةِ مَالِهِ (وَلَا يُحَجُّ بِهَا عَنْهُ وَلَا يُغْزَى) بِهَا عَنْهُ لِعَدَمِ الْإِيتَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْغَزْوِ وَفِيهِ شَيْءٌ (وَالْحَجُّ مِنْ السَّبِيلِ نَصًّا) .
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ - نَاقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْحَجَّ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْكَبِيهَا فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ» (فَيَأْخُذُ إنْ كَانَ فَقِيرًا) مِنْ الزَّكَاةِ (مَا يُؤَدِّي بِهِ فَرْضَ حَجٍّ أَوْ) فَرْضَ (عُمْرَةٍ أَوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ) أَيْ فِي فَرْضِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إسْقَاطِ الْفَرْضِ؛ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي جَوَازَهُ فِي النَّفْلِ كَالْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْفَقِيرُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْهُ كَالتَّطَوُّعِ.
(الثَّامِنُ: ابْنُ السَّبِيلِ) لِلنَّصِّ وَالسَّبِيلُ: الطَّرِيقُ وَسُمِّيَ الْمُسَافِرُ ابْنًا لَهُ؛ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ، كَمَا يُقَالُ: وَلَدُ اللَّيْلِ إذَا كَانَ يُكْثِرُ الْخُرُوجَ فِيهِ، وَكَمَا يُقَالُ لِطَيْرِ الْمَاءِ ابْنُ الْمَاءِ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ.
(وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ) أَيْ بِسَفَرِهِ (فِي سَفَرِ طَاعَةٍ) كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ وَالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَآلَاتِهِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ (أَوْ) سَفَرٍ (مُبَاحٍ) كَطَلَبِ رِزْقٍ (دُونَ الْمُنْشِئِ لِلسَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا يَصِيرُ ابْنَ سَبِيلٍ فِي ثَانِي الْحَالِ (وَلَيْسَ مَعَهُ) أَيْ الْمُنْقَطِعِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ (مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ أَوْ) يُوَصِّلُهُ إلَى (مُنْتَهَى قَصْدِهِ) بِأَنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْبَلَدِ الَّذِي قَصَدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ.
(وَعَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى بُلُوغِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ (وَلَوْ مَعَ غِنَاهُ بِبَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوُصُولِ إلَى مَالِهِ وَعَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ سَقَطَ مَتَاعُهُ فِي الْبَحْرِ أَوْ ضَاعَ (فَيُعْطَى) ابْنُ السَّبِيلِ (لِذَلِكَ) لِلنَّصِّ (وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ) ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمَجْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْقَرْضِ (فَإِنْ كَانَ) ابْنُ السَّبِيلِ، (فَقِيرًا فِي بَلَدِهِ أُعْطِيَ لِفَقْرِهِ) مَا يَكْفِيهِ سَنَةً (وَ) أُعْطِيَ (لِكَوْنِهِ ابْنَ سَبِيلٍ مَا يُوَصِّلُهُ) إلَى بَلَدِهِ، وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَ فِي غَيْرِهِ سَبَبَانِ وَيَأْتِي.
(وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَإِنْ ادَّعَى) ابْنُ السَّبِيلِ (الْحَاجَةَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ) قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ (أَوْ ادَّعَى إرَادَةَ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
(وَإِنْ عُرِفَ لَهُ) أَيْ لِابْنِ السَّبِيلِ مَالٌ (فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى الْحَاجَةِ) ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِحَاجَتِهِ.
(وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ تَمَامَ كِفَايَتِهِمَا سَنَةً؛) لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ يَتَكَرَّرُ كُلَّ حَوْلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute