فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ إلَى مِثْلِهِ (وَ) يُعْطَى (الْعَامِلُ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَوْ جَاوَزَتْ الثَّمَنَ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِسَبَبِ الْعِمَالَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِمِقْدَارِهِ.
(وَيُعْطَى مُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ مَا يَقْضِيَانِ بِهِ دَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إنَّمَا تَنْدَفِعُ بِذَلِكَ.
(وَلَوْ دَيْنًا لِلَّهِ) تَعَالَى كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ (وَلَيْسَ لَهُمَا) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ (صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ كَغَازٍ) وَابْنِ سَبِيلٍ (وَتَقَدَّمَ) مُوَضَّحًا قَرِيبًا.
(وَ) يُعْطَى (الْمُؤَلَّفُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأْلِيفُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ.
(وَ) يُعْطَى (الْغَازِي مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِغَزْوِهِ، وَإِنْ كَثُرَ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ (وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (عَنْ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِلْحَاجَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا وَلَا يُنْقَصُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ انْدِفَاعِ حَاجَتِهِ إذَنْ.
(وَمَنْ كَانَ) (مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ذَا عِيَالٍ أَخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَائِلَتِهِ مَقْصُودُهُ دَفْعُ حَاجَتِهِ فَيُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ لِلْمُنْفَرِدِ.
(وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ (مَعَ الْغِنَى) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا ذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالْمِرَّةُ: الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ، وَالسَّوِيُّ: الْمُسْتَوِي الْخَلْقِ التَّامُّ الْأَعْضَاءِ (إلَّا أَرْبَعَةً الْعَامِلَ) قَالَ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
(وَالْمُؤَلَّفَ) ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَهُمْ لِمَعْنًى يَعُمُّ نَفْعُهُ كَالْغَازِي (وَالْغَازِيَ وَالْغَارِمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، مَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْحَمَالَةَ (مِنْ مَالِهِ، وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «وَلَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَيْنِ، وَعَدَّ بَعْدَهُمَا بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِمْ الْفَقْرَ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ، مَعَ الْغِنَى.
(وَإِنْ فَضَلَ مَعَ غَارِمٍ وَمُكَاتَبٍ، حَتَّى وَلَوْ سَقَطَ مَا عَلَيْهِمَا بِبَرَاءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَ) فَضَلَ مَعَ (غَازٍ وَابْنِ سَبِيلٍ شَيْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ لَزِمَهُمْ رَدُّهُ كَمَا لَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ، وَفَضَلَ مِنْهُ) شَيْءٌ لَزِمَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِلْكًا مُرَاعًى وَلِأَنَّ السَّبَبَ زَالَ فَيَجِبُ رَدُّ الْفَاضِلِ بِزَوَالِ الْحَاجَةِ (وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَاجَةُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَإِنْ تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ (وَالْبَاقُونَ) وَهُمْ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ (يَأْخُذُونَ أَخَذًا مُسْتَقِرًّا، فَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ قَرِيبًا.
(وَلَوْ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ