الْفَقِيرَةُ (مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا، وَتَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَهْرِ بِالنِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُقْصَدُ لِلْمَالِ، بَلْ لِلسَّكَنِ وَالْإِيوَاءِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهَا رَغْبَةٌ فِيهِ.
(وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ) كَرَجُلٍ سَأَلَ الْخُلْعَ أَوْ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ، أَوْ الصُّلْحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى مَالٍ (وَكَذَا لَوْ أَفْلَسَتْ) لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ لِوَفَاءِ دَيْنِهَا (أَوْ كَانَ لَهَا أَقَارِبُ مُحْتَاجُونَ إلَى النَّفَقَةِ) فَلَا تُجْبَرُ عَلَى التَّزَوُّجِ لِذَلِكَ.
(وَتَقَدَّمَ: إذَا تَفَرَّغَ الْقَادِرُ) عَلَى التَّكَسُّبِ (لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ) بَيْنَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالتَّكَسُّبِ (أَنَّهُ يُعْطَى) لَا إنْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ لِقُصُورِ نَفْعِهَا (فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا) لِيَأْخُذَ لَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ (قُلِّدَ) فِي ذَلِكَ (وَأُعْطِيَ) كِفَايَتَهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، وَتَشُقُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا سِيَّمَا عَلَى الْغَرِيبِ، وَكَمَا يُقَلَّدُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ.
(وَمَنْ غَرِمَ) فِي مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ (أَوْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ) كَقَطْعِ طَرِيقٍ (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَكَذَا لَوْ سَافَرَ فِي مَكْرُوهٍ، أَوْ) سَافَرَ (نُزْهَةً) فَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى هَذَا السَّفَرِ.
(وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ فِي الْمَعَاصِي حَتَّى افْتَقَرَ دُفِعَ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ) أَوْ الْمَسَاكِينِ، لِصِدْقِ اسْمِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ عَلَيْهِ حِينَ الْأَخْذِ.
(وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ كُلِّهَا لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمْنُهَا إنْ وَجَدَ) جَمِيعَ الْأَصْنَافِ (حَيْثُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَتَحْصِيلًا لِلْإِجْزَاءِ يَقِينًا (وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، كَمَا لَوْ فَرَّقَهَا السَّاعِي وَلَا) يَجِبُ (التَّعْدَادُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) أَيْ لَا يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (كَالْعَامِلِ) عَلَى الزَّكَاةِ لَا يَجِبُ تَعَدُّدُهُ (فَلَوْ اقْتَصَرَ) رَبُّ الْمَالِ فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ (عَلَى صِنْفٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ (أَوْ) اقْتَصَرَ عَلَى (وَاحِدٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] الْآيَةَ وَلِحَدِيثِ مُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْيَمَنِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَبِيصَةَ: «أَقِمْ عِنْدَنَا حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» وَأَمَرَ بَنِي زُرَيْقٍ بِدَفْعِ صَدَقَتِهِمْ إلَى سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَلَوْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهَا إلَى وَاحِدٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَالْآيَةُ إنَّمَا سِيقَتْ لِبَيَانِ مَنْ تُصْرَفُ إلَيْهِ لَا لِتَعْمِيمِهِمْ وَكَالْوَصِيَّةِ لِجَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ.
(وَإِنْ فَرَّقَهَا رَبُّهَا أَوْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute