لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ (غَيْرُهُ) رَمَضَانَ وَلَا قَضَاؤُهُ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَجَبَتْ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَلَمْ تَدْخُلْهَا النِّيَابَةُ كَالصَّلَاةِ.
(وَإِنْ سَافَرَ) الْكَبِيرُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ (أَوْ مَرِضَ فَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهِ؛ (لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ مُعْتَادٍ وَلَا قَضَاءَ) لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَيُعَايَى بِهَا.
(وَإِنْ) أَطْعَمَ ثُمَّ (قَدِرَ عَلَى الْقَضَاءِ فَكَمَعْضُوبٍ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ وَيَأْتِي (أَحَجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ) ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عُوفِيَ قَبْلَ الْإِطْعَامِ تَعَيَّنَ الْقَضَاءُ كَالْمَعْضُوبِ إذَا عُوفِيَ قَبْلَ إحْرَامِ نَائِبِهِ.
(وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ) عَنْ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ (بِالْعَجْزِ) عَنْهُ كَفِدْيَةِ الْحَجِّ فَمَتَى قَدِرَ عَلَيْهِ أَطْعَمَ (وَيَأْتِي قَرِيبًا) .
(وَالْمَرِيضُ) غَيْرُ الْمَيْئُوسِ مِنْ بُرْئِهِ (إذَا خَافَ) بِصَوْمِهِ (ضَرَرًا بِزِيَادَةِ مَرَضِهِ أَوْ طُولِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ (وَلَوْ بِقَوْلِ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ أَوْ كَانَ صَحِيحًا فَمَرِضَ فِي يَوْمِهِ أَوْ خَافَ مَرَضًا لِأَجْلِ عَطَشٍ أَوْ غَيْرِهِ سُنَّ فِطْرُهُ وَكُرِهَ صَوْمُهُ وَإِتْمَامُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ فَلْيُفْطِرْ وَلْيَقْضِ عَدَدَ مَا أَفْطَرَهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ قَبُولَ الرُّخْصَةِ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْأَخَفِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا خُيِّرْتُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَرْتُ أَيْسَرَهُمَا» قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَلَوْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي الْإِجْزَاءِ (فَإِنْ صَامَ) الْمَرِيضُ مَعَ مَا سَبَقَ (أَجْزَأَهُ) صَوْمُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَوْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ.
(وَلَا يُفْطِرُ مَرِيضٌ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ كَمَنْ بِهِ جَرَبٌ أَوْ وَجَعُ ضِرْسٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ دُمَّلٍ وَنَحْوِهِ) قِيلَ لِأَحْمَدَ مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ قِيلَ: مِثْلَ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى.
(وَقَالَ) أَبُو بَكْرٍ (الْآجُرِّيُّ مَنْ صَنْعَتُهُ شَاقَّةٌ فَإِنْ خَافَ) بِالصَّوْمِ (تَلَفًا أَفْطَرَ وَقَضَى) إنْ ضَرَّهُ تَرْكُ الصَّنْعَةِ، (فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُهَا أَثِمَ) بِالْفِطْرِ وَيَتْرُكُهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتِفْ التَّضَرُّرُ بِتَرْكِهَا (فَلَا) إثْمَ عَلَيْهِ بِالْفِطْرِ لِلْعُذْرِ.
(وَمَنْ قَاتَلَ عَدُوًّا أَوْ أَحَاطَ الْعَدُوُّ بِبَلَدِهِ وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ) عَنْ الْقِتَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute