(سَاغَ لَهُ الْفِطْرُ بِدُونِ سَفَرٍ نَصًّا) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(وَمَنْ بِهِ شَبَقٌ يَخَافُ أَنْ يَنْشَقَّ ذَكَرُهُ) أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ مَثَانَتُهُ (جَامَعَ وَقَضَى وَلَا يُكَفِّرُ نَصًّا) نَقَلَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: يُجَامِعُ وَلَا يُكَفِّرُ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الرَّجُلُ هَذَا وَلَمْ يُجَامِعْ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَقَّ فَرْجُهُ.
(وَإِنْ انْدَفَعَتْ شَهْوَتُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْجِمَاعِ (كَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ) يَدِ (جَارِيَتِهِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُفَاخَذَةِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْوَطْءُ كَالصَّائِلِ يَنْدَفِعُ بِالْأَسْهَلِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ.
(وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ) أَوْ أَمَتِهِ (الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ بِأَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ) يَطَأَ (زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الصَّغِيرَتَيْنِ) أَوْ الْمَجْنُونَتَيْنِ (أَوْ) انْدَفَعْت شَهْوَتَهُ بِالْوَطْءِ (دُونَ الْفَرْجِ) فَلَا يُبَاحُ لَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ، قُلْتُ: وَلَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ وَطْءُ مَنْ لَزِمَهَا الْإِمْسَاكُ كَمَنْ طَهُرَتْ وَنَحْوِهَا فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ دُونَ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَدَمُ إفْسَادِ صَوْمِ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ (جَازَ) لَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا (لِلضَّرُورَةِ) كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.
(وَمَعَ الضَّرُورَةِ إلَى وَطْءِ حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ بَالِغٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمَا (فَوَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى) مِنْ وَطْءِ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ وَطْءِ الْحَائِضِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ أَوْ الْأَمَةُ الصَّائِمَةُ (بَالِغًا وَجَبَ اجْتِنَابُ الْحَائِضِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِلَا مَحْذُورٍ، فَيَطَأُ الصَّغِيرَةَ وَكَذَا الْمَجْنُونَةَ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ) أَيْ: ذِي الشَّبَقِ (لِدَوَامِ شَبَقِهِ فَكَكَبِيرٍ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ إلَّا مَعَ عُذْرٍ مُعْتَادٍ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَلَا إطْعَامَ وَلَا قَضَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَبِيرِ، وَلَعَلَّ حُكْمَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا كَذَلِكَ.
(وَحُكْمُ الْمَرِيضِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِالْجِمَاعِ) فِي مَرَضِهِ (حُكْمُ مَنْ خَافَ تَشَقُّقَ فَرْجِهِ) فِي جَوَازِ الْوَطْءِ مَعَ الْكَفَّارَةِ وَإِفْسَادِ صَوْمِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَعَدَمِهِ.
(وَالْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ يُسَنُّ لَهُ الْفِطْرُ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ) الْعَامِرَةِ (كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَصْرِ) مُوَضِّحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] .
(وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَشَقَّةً) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَزَادَ: «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا» .
وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمَّا «أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ وَبَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا صَامُوا قَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ»