قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ لِمَنْ قَوِيَ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ (وَيُجْزِئُهُ) أَيْ: يُجْزِئُ الْمُسَافِرَ الصَّوْمُ بِرَمَضَانَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَهُ الظَّاهِرِيَّةُ وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ: وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ (لَكِنْ لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حَرُمَا) أَيْ السَّفَرُ وَالْفِطْرُ (عَلَيْهِ) حَيْثُ لَا عِلَّةَ لِسَفَرِهِ إلَّا الْفِطْرُ أَمَّا حُرْمَةُ الْفِطْرِ فَلِعَدَمِ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لَهُ وَأَمَّا حُرْمَةُ السَّفَرِ فَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْفِطْرِ الْمُحَرَّمِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ) مِنْ قَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَغَيْرِهِمَا (كَمُقِيمٍ صَحِيحٍ) ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أُبِيحَ تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ، لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَصْلِ، كَالْجُمُعَةِ وَكَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ صَوْمًا مِنْ الْمَعْذُورِ لَقَبِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِلْعِبَادَةِ (فَيَلْغُو صَوْمُهُ) إذَا صَامَ فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ لَهُ.
(وَلَوْ قَلَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَى نَفْلٍ، لَمْ يَصِحَّ لَهُ النَّفَلُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَبَطَلَ فَرْضُهُ) لِقَطْعِ نِيَّتِهِ.
(وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرٍ فَلَهُ الْفِطْرُ بِمَا شَاءَ مِنْ جِمَاعٍ وَغَيْرِهِ) كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ؛ (لِأَنَّ مَنْ) أُبِيحَ (لَهُ الْأَكْلُ) أُبِيحَ (لَهُ الْجِمَاعُ) كَمَنْ لَمْ يَنْوِ.
(وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ (لِحُصُولِ الْفِطْرِ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ الْفِعْلِ) أَيْ: الْجِمَاعِ، فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ.
(وَكَذَا مَرِيضٌ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ) إذَا نَوَى الصَّوْمَ، لَهُ الْفِطْرُ بِمَا شَاءَ مِنْ جِمَاعٍ وَغَيْرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ) سَفَرًا يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ (طَوْعًا أَوْ كُرْهًا فَلَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ) وَمُفَارَقَتِهِ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ مِنْهَا: مَا رَوَى عُبَيْدُ بْنُ جَبْرٍ قَالَ: " رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ فَقَالَ: اقْتَرِبْ قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ قَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَأَكَلَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ السَّفَرَ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ فَأَبَاحَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ كَالْمَرَضِ الطَّارِئِ، وَلَوْ بِفِعْلِهِ، وَالصَّلَاةُ لَا يَشُقُّ إتْمَامُهَا وَهِيَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى وَجَبَ إتْمَامُهَا لَمْ تُقْصَرْ بِحَالٍ و (لَا) يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ (وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ نَوَى صَوْمَهُ (الصَّوْمُ) أَيْ: إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يُبِحْ لَهُ الْفِطْرَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ كَالصَّلَاةِ.
(وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا الضَّرَرَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا) أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ كَالْمَرِيضِ (أَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute