للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِيدِ فَاصِلٌ وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ سَنَةٌ» يَعْنِي أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، الشَّهْرُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةُ بِسِتِّينَ فَذَلِكَ سَنَةٌ كَامِلَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ: التَّشْبِيهُ بِهِ فِي حُصُولِ الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَلَا يُقَالُ: الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِهَا؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَ صِيَامَهَا بِصِيَامِ الدَّهْرِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ فِي صَوْمِهَا دُونَ صَوْمِهِ (وَلَا تَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِصِيَامِهَا) أَيْ: السِّتَّةِ أَيَّامٍ (فِي غَيْرِ شَوَّالٍ) لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ صِيَامُهَا إلَّا لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّ فَضِيلَتَهَا تَحْصُلُ لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَى رَمَضَانَ وَقَدْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَ) يُسَنُّ (صَوْمُ التِّسْعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَآكَدُهُ: التَّاسِعُ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا ثُمَّ الثَّامِنُ وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ) وَيَأْتِي فِي الْحَجِّ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ.

(وَ) يُسَنُّ (صَوْمُ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ) ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ جَوْفُ اللَّيْلِ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَأَضَافَهُ إلَيْهِ تَفْخِيمًا وَتَعْظِيمًا كَنَاقَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُكْثِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّوْمَ فِيهِ إمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا، وَالْمُرَادُ أَفْضَلُ شَهْرٍ تَطَّوَّعَ فِيهِ كَامِلًا بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّطَوُّعِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ أَيَّامِهِ كَعَرَفَةَ وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ.

فَالتَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ أَفْضَلُهُ الْمُحَرَّمُ كَمَا أَنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ الْمُحَرَّمُ (يَوْمُ عَاشُورَاءَ) بِالْمَدِّ فِي الْأَشْهَرِ وَهُوَ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ لَا يُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ) الْيَوْمُ (الْعَاشِرُ) مِنْ الْمُحَرَّمِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ التَّاسِعُ (ثُمَّ تَاسُوعَاءُ) بِالْمَدِّ عَلَى الْأَفْصَحِ (وَهُوَ) الْيَوْمُ (التَّاسِعُ) مِنْ الْمُحَرَّمِ (مَثَلًا وَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ وَعَاشُورَاءَ.

لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>