للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَئِنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ» وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَ) قَالَ (إنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَوَّلُ الشَّهْرِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِيَتَيَقَّنَّ صَوْمَهَا، (وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ وَهِيَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَهُمَا) أَيْ: تَاسُوعَاءُ وَعَاشُورَاءُ (آكَدُهُ) أَيْ: آكَدُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ (ثُمَّ) بَقِيَّةُ (الْعَشْرِ، وَلَمْ يَجِبْ صَوْمُ) يَوْمِ (عَاشُورَاءَ) فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ قَالَ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ مَنْ أَكَلَ فِيهِ بِالْقَضَاءِ.

وَلِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ لَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَعَنْهُ وَجَبَ) صَوْمُهُ (ثُمَّ نُسِخَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ) وَقَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا اُفْتُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ " صَحِيحٌ وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ مَحْمُولٌ عَلَى إرَادَةِ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ مَكْتُوبًا عَلَيْكُمْ الْآنَ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ) مَاضِيَةٍ لِلْخَبَرِ.

(وَمَا رُوِيَ فِي فَضْلِ الِاكْتِحَالِ وَالِاخْتِضَابِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْمُصَافَحَةِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ) أَيْ: يَوْمِ عَاشُورَاءَ (فَكَذِبٌ) .

وَكَذَا مَا يُرْوَى فِي مَسْحِ رَأْسِ الْيَتِيمِ وَأَكْلِ الْحُبُوبِ أَوْ الذَّبْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُ ذَلِكَ: بِدْعَةٌ لَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْهُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الدِّينِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ، وَيَنْبَغِي فِيهِ التَّوَسُّعَةُ عَلَى الْعِيَالِ سَأَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَحْمَدَ عَنْهُ فَقَالَ: نَعَمْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ: مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ " قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَدْ جَرَّبْنَاهُ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ سِتِّينَ فَمَا رَأَيْنَا إلَّا خَيْرًا.

(وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ) لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ مَرْفُوعًا قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» وَقَالَ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ: «إنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَعَلَّ مُضَاعَفَةَ التَّكْفِيرِ عَلَى عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْطِيَهُ.

(قَالَ) النَّوَوِيُّ (فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ كَفَّارَةُ الصَّغَائِرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ صَغَائِرُ (رُجِيَ التَّخْفِيفُ مِنْ الْكَبَائِرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ كَبَائِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>