صَلِّ هَاهُنَا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: شَأْنُكَ إذَنْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد رَوَيَا أَيْضًا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَوْ صَلَّيْتَ هَاهُنَا لَقَضَى عَنْك ذَلِكَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .
(وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ (فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ) الثَّلَاثَةِ (وَأَرَادَ الذَّهَابَ إلَى مَا عَيَّنَهُ) فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ خُيِّرَ (عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَاخْتَارَهُ) الْمُوَفَّقُ فِي الْقَصْرِ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فَفِي الْمُبْدِعِ فَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ وَفِي الْوَاضِحِ: الْأَفْضَلُ الْوَفَاءُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا أَظْهَرُ.
(وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ) أَيْ: فِي مُعْتَكَفِهِ (ثُمَّ انْهَدَمَ مُعْتَكَفُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ فِيهِ لَزِمَ إتْمَامُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ إنْ كَانَ مَنْذُورًا (فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ.
(وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ) بِعَيْنِهِ كَرَمَضَانَ (أَوْ نَذَرَ) اعْتِكَافَ عَشْرٍ بِعَيْنِهِ كَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ لَيْلَتِهِ الْأُولَى) أَيْ: قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ إذْ الشَّهْرُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ بِدَلِيلِ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِهِ: مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ الْمُعَلَّقِينَ بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَاعْتِكَافُهُ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالتَّطَوُّعُ يَشْرَعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ يَوْمَ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرَ بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً، (وَخَرَجَ) مِنْ مُعْتَكَفِهِ (بَعْدَ آخِرِهِ) أَيْ: آخِرِ مَا عَيَّنَهُ بِأَنْ تَغْرُبَ شَمْسُ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ نَذَرَ) أَنْ يَعْتَكِفَ (يَوْمًا مُعَيَّنًا) كَيَوْمِ الْخَمِيسِ (أَوْ) نَذَرَ يَوْمًا (مُطْلَقًا) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَأَطْلَقَ (دَخَلَ) مُعْتَكَفَهُ (قَبْلَ فَجْرِهِ الثَّانِي وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (وَلَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّتَابُعُ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَيَّدَهُ بِهِ.
(فَلَوْ كَانَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي هَذَا لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ (مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ) ؛ لِيَتَحَقَّقَ مُضِيُّ يَوْمٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ) فِي نَذْرِهِ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْيَوْمِ (وَكُلُّ زَمَانٍ مُعَيَّنٍ) نَذَرَ اعْتِكَافَهُ (يَدْخُلُ) مُعْتَكَفَهُ قَبْلَهُ وَيَخْرُجُ بَعْدَهُ (لِمَا تَقَدَّمَ) .
(وَإِنْ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute