للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِكَافُهُ (لِوُجُوبِ الْخُرُوجِ) عَلَيْهِ.

(وَإِنْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ (مِنْ الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ) اعْتِكَافُهُ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَيَبْنِي) عَلَى اعْتِكَافِهِ (إذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَبْطُلُ فِيهِ.

(فَإِنْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الِاعْتِكَافِ (مَعَ إمْكَانِهِ بَطَلَ مَا مَضَى) ، كَمَا لَوْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ (كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ) زَالَا وَأَخَّرَ الرُّجُوعَ بَعْدَ زَوَالِهِمَا فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ.

(وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ) الْمُعْتَكِفَةُ مِنْ الْمَسْجِدِ (لِوُجُودِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ، فَتَرْجِعُ إلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ) مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ) ؛ لِأَنَّ اللُّبْثَ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ رَحَبَةٌ "، (وَإِنْ كَانَ لَهُ رَحَبَةٌ غَيْرُ مُحَوَّطَةٍ) قَيَّدَ بِهِ ابْنُ حَمْدَانَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَوَّطَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُهُ (يُمْكِنُهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ) هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ وَجَمْعُهُ: أَخْبِيَةٌ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ مِثْلُ: كِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ وَيَكُونُ عَلَى عُودَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْتٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فِيهَا بِلَا ضَرَرٍ سُنَّ) لَهَا ضَرْبُ الْخِبَاءِ بِهَا وَأَنْ تَجْلِسَ بِهَا (إنْ لَمْ تَخَفْ تَلْوِيثًا، فَإِذَا طَهُرَتْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ) لِتُتِمَّ اعْتِكَافَهَا لِمَا رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِهِنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَطْهُرْنَ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ.

(وَ) تَخْرُجُ الْمُعْتَكِفَةُ (لِعِدَّةِ وَفَاةٍ) فِي مَنْزِلِهَا لِوُجُوبِهَا شَرْعًا كَالْجُمُعَةِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ لَا يُسْتَدْرَكُ إذْ تُرِكَ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ (وَنَحْوِهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ (مِمَّا يَجِبُ الْخُرُوجُ لَهُ) كَمَا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ خَارِجَةٍ وَدَفْنُ مَيِّتٍ.

(وَلَا تُمْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ الِاعْتِكَافَ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ لَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ «اعْتَكَفَتْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ وَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَفَّظَ وَتَتَلَجَّمَ لِئَلَّا تُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِيَانَتُهُ مِنْهَا خَرَجَتْ مِنْهُ) لِوُجُوبِ صِيَانَتِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.

(وَلَا يَعُودُ) الْمُعْتَكِفُ (مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَلَا يُجَهِّزُهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ (أَوْ وُجُوبٍ) بِأَنْ يَتَعَيَّنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إذَنْ (وَكَذَا كُلُّ قُرْبَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ) عَلَيْهِ (كَزِيَارَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>