رَحِمٍ أَوْ صَدِيقٍ (وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا) إذَا لَمْ يَتَعَيَّنَا عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِشَرْطٍ (وَتَغْسِيلِ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ) لَا يَخْرُجُ إلَيْهِ إلَّا بِشَرْطٍ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ شَرَطَ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ كَالْعَشَاءِ فِي مَنْزِلِهِ وَالْمَبِيتِ فِيهِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ كَالْوُقُوفِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ نَذَرَ مَا أَقَامَهُ وَلِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فِيهِمَا، وَ (لَا) يَصِحُّ الشَّرْطُ (إنْ شَرَطَ) الْمُعْتَكِفُ (الْوَطْءَ أَوْ) شَرَطَ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ (الْفُرْجَةِ أَوْ النُّزْهَةِ أَوْ الْخُرُوجِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ) شَرَطَ (التَّكَسُّبَ بِالصِّنَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ) وَالْخُرُوجَ لِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الِاعْتِكَافَ صُورَةً وَمَعْنًى كَشَرْطِ تَرْكِ الْإِقَامَةِ بِالْمَسْجِدِ وَكَالْوَقْفِ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَرْطُ مَا يُنَافِيهِ.
(وَإِنْ قَالَ: مَرِضْت أَوْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجْت فَلَهُ شَرْطُهُ) كَالشَّرْطِ فِي الْإِحْرَامِ، وَإِفَادَتِهِ: جَوَازُ التَّحَلُّلِ إذَا حَدَثَ عَائِقٌ عَنْ الْمُضِيِّ، (وَلَهُ السُّؤَالُ عَنْ الْمَرِيضِ) مَا لَمْ يُعَرِّجْ أَوْ يَقِفْ لِمَسْأَلَتِهِ، (وَ) لَهُ (الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي طَرِيقِهِ إذَا خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مَا لَمْ يُعَرِّجْ أَوْ يَقِفْ لِمَسْأَلَتِهِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " إنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ اللُّبْثِ الْمُسْتَحَقِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ فِي مُرُورِهِ، (وَلَهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ إذَا خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (الدُّخُولُ إلَى مَسْجِدٍ) آخَرَ (يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ إنْ كَانَ) ذَلِكَ الْمَسْجِدُ (أَقْرَبَ إلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ مِنْ) الْمَسْجِدِ (الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِصَرِيحِ النَّذْرِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ بِشُرُوعِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا أَشْبَهَ مَا لَوْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ الْأَوَّلُ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ سُلْطَانٌ فَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأَتَمَّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَسْجِدُ الَّذِي دَخَلَ إلَيْهِ (أَبْعَدَ) مِنْ مَحَلِّ حَاجَتِهِ الْأَوَّلِ، (أَوْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْمَسْجِدِ الثَّانِي ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا.
(فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدَانِ مُتَلَاصِقَيْنِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ فِي الْآخَرِ فَلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ انْتَقَلَ مِنْ إحْدَى زَاوِيَتَيْهِ إلَى الْأُخْرَى (وَإِنْ كَانَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ (فِي غَيْرِهِمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ، وَإِنْ قَرُبَ) مَا بَيْنَهُمَا، وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِمَشْيِهِ بَيْنَهُمَا لِتَرْكِهِ اللُّبْثَ الْمُسْتَحَقَّ إذَنْ.
(وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ خُرُوجًا مُعْتَادًا) يَعْنِي لِعُذْرٍ مُعْتَادٍ (كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) أَيْ: الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَطَهَارَةٍ مِنْ الْحَدَثِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute