بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ (مُكْرَهًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ نَاسِيًا فَقَدْ تَقَدَّمَ) حُكْمُهُ قَرِيبًا، (وَإِنْ كَانَ) الْمُعْتَكِفُ (فِي) نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ مُتَتَابِعٍ كَنَذْرِ شَعْبَانَ مُتَتَابِعًا أَوْ فِي) نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ) كَشَعْبَانَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ (بِالتَّتَابُعِ اسْتَأْنَفَ) لِتَضَمُّنِ نَذْرِهِ التَّتَابُعَ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ، (وَكَفَّرَ) كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ بِلَا عُذْرٍ (وَيَكُونُ الْقَضَاءُ) فِي الْكُلِّ.
(وَالِاسْتِئْنَافُ عَلَى الْكُلِّ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ فِيمَا يُمْكِنُ) ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَشْرُوطًا فِيهِ الصَّوْمُ أَوْ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقْتَضَى أَوْ الْمُسْتَأْنَفَ يَكُونُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ، كَمَا لَوْ عَيَّنَ زَمَنًا وَمَضَى فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، لَكِنْ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْأَيَّامِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لُزُومُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى؛؛ لِأَنَّ فِي الِاعْتِكَافِ فِي هَذَا الزَّمَنِ فَضِيلَةً لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ وَعَلَى هَذَا: فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَشَرَعَ فِي اعْتِكَافِهَا فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ فِي الْعَشْرِ مِنْ قَابِلٍ؛ لِأَنَّ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ لَزِمَهُ بِالشَّرْعِ عَنْ نَذْرِهِ فَإِذَا أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عَلَى صِفَةِ مَا أَفْسَدَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (الْوَطْءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُعْتَكِفُ (فِي فَرْجٍ وَلَوْ نَاسِيًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ) لِمَا رَوَى حَرْبٌ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إذَا جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَ الِاعْتِكَافَ "؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ تَفْسُدُ بِالْوَطْءِ عَمْدًا فَكَذَلِكَ سَهْوًا كَالْحَجِّ.
(وَلَا كَفَّارَةَ لِلْوَطْءِ) لِعَدَمِ النَّصِّ وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ، (بَلْ) عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (لِإِفْسَادِ نَذْرِهِ) إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (وَإِنْ بَاشَرَ) الْمُعْتَكِفُ (دُونَ الْفَرْجِ) أَوْ قَبَّلَ (لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا بَأْسَ) كَغَسْلِ رَأْسِهِ وَتَرْجِيلِ شَعْرِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ.
(وَ) إنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ (لِشَهْوَةٍ حَرُمَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] .
(فَإِنْ أَنْزَلَ فَكَوَطْءٍ فَيَفْسُدُ) اعْتِكَافُهُ وَلَا كَفَّارَةَ لَهُ بَلْ لِإِفْسَادِ نَذْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ (فَلَا) إفْسَادَ كَالصَّوْمِ.
(وَإِنْ سَكِرَ) الْمُعْتَكِفُ (وَلَوْ لَيْلًا) بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ كَالْمَرْأَةِ تَحِيضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute