(أَوْ ارْتَدَّ) الْمُعْتَكِفُ (بَطَلَ اعْتِكَافُهُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] ؛ وَلِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ.
(وَلَا يَبْنِي إذَا زَالَ سُكْرُهُ أَوَعَادَ إلَى الْإِسْلَام؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ) بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ (وَإِنْ شَرِبَ الْمُعْتَكِفُ مُسْكِرًا وَلَمْ يُسْكِرْهُ أَوْ أَتَى كَبِيرَةً لَمْ يَفْسُدْ) اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ) أَيْ: كُلِّ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (اجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ: يُهِمُّهُ مِنْ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الِاعْتِكَافِ (فَفِيهِ أَوْلَى) رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الْكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابِ اللَّهِ: أَنْ تَقْرَأَهُ أَوْ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ تَنْطِقَ فِي مَعِيشَتِك بِمَا لَا بُدَّ لَك مِنْهُ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ) فِي الْمَسْجِدِ (زَوْجَتُهُ) وَتَتَحَدَّثَ مَعَهُ وَتُصْلِحَ رَأْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ مَا لَمْ يُكْثِرْ) «؛ لِأَنَّ صَفِيَّةَ زَارَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَدَّثَ مَعَهَا، وَرَجَّلَتْ عَائِشَةُ رَأْسَهُ» ، (وَ) لَهُ أَنْ (يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا) بِحَيْثُ (لَا يَشْغَلُهُ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ: " أَيُّ رَجُلٍ اعْتَكَفَ فَلَا يُسَابَّ وَلَا يَرْفُثْ فِي الْحَدِيثِ وَيَأْمُرْ أَهْلَهُ بِالْحَاجَةِ أَيْ: وَهُوَ يَمْشِي وَلَا يَجْلِسُ عِنْدَهُمْ " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَلَا يَبِيعُ) الْمُعْتَكِفُ (وَلَا يَشْتَرِي إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ طَعَامٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) خَارِجَ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقِفَ أَوْ يُعَرِّجَ لِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ.
(وَلَيْسَ الصَّمْتُ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ) وَ (قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ: ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَالتَّحْقِيقِ فِي الصَّمْتِ أَنَّهُ إنْ طَالَ حَتَّى تَضَمَّنَ تَرْكَ الْكَلَامِ الْوَاجِبِ صَارَ حَرَامًا، كَمَا قَالَ الصِّدِّيقُ: وَكَذَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالصَّمْتِ عَنْ الْكَلَامِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْكَلَامُ الْمُحَرَّمُ يَجِبُ الصَّمْتُ عَنْهُ وَفُضُولُ الْكَلَامِ يَنْبَغِي الصَّمْتُ عَنْهَا، (وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ: الصَّمْتَ (لَمْ يَفِ بِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute