وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا فَجَازَ أَنْ يَقُومَ غَيْرُهُ فِيهِ كَالصَّوْمِ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَ الْعَجْزِ أَوْ قَبْلَهُ (وَلَوْ) كَانَ النَّائِبُ (امْرَأَةً عَنْ رَجُلٍ وَلَا كَرَاهَةَ) فِي نِيَابَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَكَعَكْسِهِ (وَقَدْ أَجْزَأَ) حَجُّ النَّائِبِ (عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمَعْضُوبِ.
(وَإِنْ عُوفِيَ قَبْلَ فَرَاغِهِ) أَيْ: النَّائِبِ (أَوْ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْرَأْ وَكَالْمُتَمَتِّعِ إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ، (وَإِنْ عُوفِيَ) الْمَعْضُوبُ (قَبْلَ إحْرَامِ النَّائِبِ لَمْ يُجْزِئْهُ) أَيْ: الْمَعْضُوبَ حَجُّ النَّائِبِ عَنْهُ اتِّفَاقًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبْدَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ (كَمَا لَوْ اسْتَنَابَ مَنْ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ) أَيْ: مَرَضِهِ وَنَحْوِهِ كَالْمَحْبُوسِ.
(وَلَوْ كَانَ) الْمَعْضُوبُ (قَادِرًا عَلَى نَفَقَةِ رَاجِلٍ) دُونَ رَاكِبٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ) أَيْ اسْتِنَابَةُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ حَيْثُ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَطِيعٍ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَعْضُوبُ (قَادِرًا) عَلَى نَفَقَةِ رَاكِبٍ (وَلَمْ يَجِدْ) الْمَعْضُوبُ (نَائِبًا فِي الْحَجِّ) عَنْهُ (اُبْتُنِيَ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى إمْكَانِ الْمَسِيرِ عَلَى مَا يَأْتِي) فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ شَرْطٌ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَجِدَ نَائِبًا، وَإِنْ قُلْنَا: شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا وُجِدَ النَّائِبُ بَعْدُ لَمْ تَلْزَمْهُ الِاسْتِنَابَةُ إلَّا أَنْ يَكُونُ مُسْتَطِيعًا إذْ ذَاكَ.
(وَمَنْ أَمْكَنَهُ السَّعْيُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (لَزِمَهُ) السَّعْيُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَكَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ (إذَا كَانَ فِي وَقْتِ الْمَسِيرِ) أَيْ مَسِيرِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَى الْحَجِّ عَلَى الْعَادَةِ فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسِيرَ سَيْرًا مُجَاوِزًا لِلْعَادَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ (وَوَجَدَ طَرِيقًا آمِنًا) ؛؛ لِأَنَّ فِي اللُّزُومِ بِدُونِهِ ضَرَرًا وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا، (وَلَوْ غَيَّرَ الطَّرِيقَ الْمُعْتَادَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ بِحَسَبِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَرًّا كَانَ) الطَّرِيقُ (أَوَبَحْرًا الْغَالِبُ فِيهِ) أَيْ: الْبَحْرِ (السَّلَامَةُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيهِ مَقَالٌ.
وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ سُلُوكُهُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى أَشْبَهَ الْبِرَّ، (وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لَمْ يَلْزَمْهُ سُلُوكُهُ) ذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا فِي الْبَحْرِ، (وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ) مِنْهُمَا بَلْ اسْتَوَيَا (لَمْ يَلْزَمْهُ) سُلُوكُهُ قَالَ الشَّيْخُ: أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَهِيدًا.
(وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ) سُلُوكُهُ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ خَفَارَةٌ) بِتَثْلِيثِ الْخَاءِ: جَعْلُ الْخَفِيرِ يُقَالُ خَفَرْت الرَّجُلَ حَمَيْته وَأَجَرْته مِنْ مُطَالِبِيهِ فَأَنَا خَفِيرٌ قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ، (فَإِنْ كَانَتْ) الْخَفَارَةُ (يَسِيرَةً لَزِمَهُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ يَسِيرٌ فَاحْتُمِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute