(وَزَادَ) أَيْ: الْمَجْدُ: (إذَا أَمِنَ) بَاذِلُ الْخَفَارَةِ (الْغَدْرَ مِنْ الْمَبْذُولِ لَهُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: (وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ) بَلْ يَتَعَيَّنُ.
(قَالَ حَفِيدُهُ) أَيْ حَفِيدُ الْمَجْدِ وَهُوَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (الْخَفَارَةُ تَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الدَّفْعِ عَنْ الْمُخْفَرِ وَلَا تَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا) أَيْ: عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا كَمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الرَّعَايَا.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ مَعَ الْخَفَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ فَلَمْ يَلْزَمْ بَذْلُهَا فِي الْعِبَادَةِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ) أَيْ: الطَّرِيقِ (الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ) بِأَنْ يَجِدَهُ فِي الْمَنَاهِلِ الَّتِي يَنْزِلُهَا (فَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ ذَلِكَ لِكُلِّ سَفْرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ بَلْ يَتَعَذَّرُ بِخِلَافِ ذَاتِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ حَمْلُهُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ حَمْلُ الْمَاءِ مِنْ مَنْهَلٍ إلَى مَنْهَلٍ وَالْكَلَأَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ (فَسَعَةُ الْوَقْتِ هِيَ وَإِمْكَانُ الْمَسِيرِ بِأَنْ تَكْمُلَ الشَّرَائِطُ فِيهِ، وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ) بِحَيْثُ (يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَسِيرِ لِأَدَائِهِ) أَيْ: الْحَجِّ أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنْهُ تَحْصِيلُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَا يَفُوتُهُ الرُّفْقَةُ.
(وَأَمْنُ الطَّرِيقِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (مَانِعٌ مِنْ خَوْفٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ) أَيْ: وُجُوبِ الْحَجِّ (كَقَائِدِ الْأَعْمَى وَدَلِيلِ الْبَصِيرِ الَّذِي يَجْهَلُ الطَّرِيقَ) ، فَمَنْ عَدِمَ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْحَجِّ مَعَهُ كَعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْأَعْمَى وَالْجَاهِلَ بِالطَّرِيقِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ الْقَائِدِ وَالدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ، (وَلَوْ تَبَرَّعَ) الْقَائِدُ وَالدَّلِيلُ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: الْأَعْمَى وَالْجَاهِلَ (لِلْمِنَّةِ وَعَنْهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ سَعَةَ الْوَقْتِ وَأَمْنَ الطَّرِيقِ وَقَائِدَ الْأَعْمَى وَدَلِيلَ الْجَاهِلِ (مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَ السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ؛ وَلِأَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ لَيْسَ شَرْطًا فِي وُجُوبِ الْعِبَادَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهِ، وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْأَدَاءُ دُونَ الْقَضَاءِ كَالْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ بُرْؤُهُ، وَعَدَمُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمِيعُ فَعَلَى هَذَا (يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْفِعْلِ) أَيْ: الْحَجِّ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأُمِنَتْ الطَّرِيقُ وَوُجِدَ الْقَائِدُ وَالدَّلِيلُ (كَمَا نَقُولُ فِي طَرَيَانِ الْحَيْضِ) بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنَّ الْحَائِضَ تَأْثَمُ إنْ لَمْ تَعْزِمْ عَلَى الْقَضَاءِ إذَا زَالَ، (فَالْعَزْمُ فِي الْعِبَادَاتِ مَعَ الْعَجْزِ) عَنْهَا (يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ) حَالَ الْعَجْزِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
(فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ (قَبْلَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ) أَيْ: سَعَةِ الْوَقْتِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute