للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْرَامُهُ عَقِبَ الصَّلَاةِ (أَوْلَى) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ خَرَجَ حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْهُمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ عَقِبَ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا سَوَاءً.

(وَإِنْ شَاءَ) أَحْرَمَ (إذَا رَكِبَ وَإِنْ شَاءَ) أَحْرَمَ (إذَا سَارَ) قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ لِوُرُودِ ذَلِكَ كُلِّهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمًا أَهَلَّ فَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ قَوْمٌ فَقَالُوا أَحْرَمَ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا إلَّا ذَلِكَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ فَأَهَلَّ فَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أُنَاسٌ فَقَالُوا أَهَلَّ حِينَ عَلَا الْبَيْدَاءَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ.

(وَلَا يَرْكَعُهُ) أَيْ: النَّفَلَ (وَقْت نَهْي) لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْي (وَلَا مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ) أَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِمَا لِقُرُوحٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ.

(وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ إلَّا بِالنِّيَّةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ وَعِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَافْتُقِرَ إلَيْهَا كَصَلَاةٍ (فَهِيَ) أَيْ: النِّيَّةُ (شَرْطٌ فِيهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ كَالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَكِنْ سَبَقَ لَك أَنَّ الْإِحْرَامَ: هُوَ نِيَّةُ النُّسُكِ فَكَيْفَ يُقَالُ: لَا تَنْعَقِدُ النِّيَّةُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّسَلْسُلِ؟ وَأَمَّا التَّجَرُّدِ فَلَيْسَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا فِي النُّسُكِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ التَّجَرُّدُ هَيْئَةً تُجَامِعُ نِيَّةَ النُّسُكِ رُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا فَاحْتِيجَ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ لَيْسَتْ كَافِيَةً بِنَفْسِهَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ النِّيَّةِ وَإِنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى غَيْرِهَا مِنْ تَلْبِيَةٍ أَوْ سَوْقِ هَدْيٍ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ.

(وَيُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِمَا أَحْرَمَ) بِهِ (فَيَقْصِدُ بِنِيَّتِهِ نُسُكًا مُعَيَّنًا) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِ مَنْ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ ذَلِكَ تَخْتَلِفُ فَاسْتُحِبَّ تَعْيِينُهُ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ (وَنِيَّةُ النُّسُكِ كَافِيَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إلَى تَلْبِيَةٍ وَلَا سَوْقِ هَدْيٍ) لِعُمُومِ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ".

(وَإِنْ لَبَّى أَوْ سَاقَ هَدْيًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) لِلْخَبَرِ (وَلَوْ نَطَقَ بِغَيْرِ مَا نَوَاهُ نَحْوَ أَنْ يَنْوِيَ الْعُمْرَةَ فَيَسْبِقُ لِسَانُهُ إلَى الْحَجِّ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ فَيَسْبِقُ لِسَانُهُ إلَى الْعُمْرَةِ (انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ (بِمَا نَوَاهُ دُونَ مَا لَفَظَهُ) لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>