الْوُضُوءِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعٌ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ.
(وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (حَالَ جِمَاعِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِهِ (وَيَبْطُلُ) أَيْ: يَفْسُدُ (إحْرَامُهُ بِهِ) أَيْ: بِالْجِمَاعِ فَيَمْضِي فِي فَاسِدِهِ وَيَقْضِيهِ كَمَا يَأْتِي.
(وَيَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْإِحْرَامِ (بِرَدَّةٍ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] .
وَ (لَا) يَخْرُجُ مِنْهُ (بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَسُكْرٍ وَمَوْتٍ) لِخَبَرِ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مَعَ وُجُودِ أَحَدِهَا) أَيْ: الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلنِّيَّةِ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) مُوَضَّحًا.
(فَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ نَوَى بِقَلْبِهِ قَائِلًا بِلِسَانِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي) وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ هَذَا فِي الصَّلَاةِ لِقِصَرِ مُدَّتِهَا وَيُسْرِهَا عَادَةً.
(وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي أَوْ فَلِي أَنْ أُحِلَّ وَهَذَا الِاشْتِرَاطُ سُنَّةٌ) فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ (وَيُفِيدُ) هَذَا الِاشْتِرَاطُ (إذَا عَاقَهُ عَدُوٌّ أَوْ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ أَوْ خَطَأُ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ: أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَتْ لَهُ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَجِدُنِي وَجِعَةً فَقَالَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ إسْنَادُهَا جَيِّدٌ «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ " قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ ".
(وَ) يُفِيدُ هَذَا الِاشْتِرَاطُ أَيْضًا (أَنَّهُ مَتَى حَلَّ بِذَلِكَ) أَيْ: سَبَبِ عُذْرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَلْزَمُهُ نَحْرُهُ (وَيَأْتِي آخِرَ بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ فَإِنْ اشْتَرَطَ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَى الِاشْتِرَاطِ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ إنْ تَيَسَّرَ لِي وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ جَازَ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ.
(وَإِنْ قَالَ) فِي إحْرَامِهِ (مَتَى شِئْتُ أَحْلَلْتُهُ أَوْ) إنْ (أَفْسَدْتُ لَمْ أَقْضِهِ لَمْ يَصِحَّ) اشْتِرَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ نَوَى الِاشْتِرَاطَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ لَمْ يُفِدْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِضُبَاعَةَ) بِضَمِّ الضَّادِ بِنْتِ الزُّبَيْرِ (قُولِي: مَحِلِّي) أَيْ: مَكَان إحْلَالِي (مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ حَبَسْتنِي) وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّسَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute