للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ".

(وَإِذَا قَطَعَ) الْآدَمِيُّ (مَا يَحْرُم قَطْعُهُ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَحَشِيشِهِ وَنَحْوِهِ (حَرُمَ انْتِفَاعُهُ) بِهِ (وَحَرُمَ انْتِفَاعُ غَيْرِهِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إتْلَافِهِ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ فَإِذَا قَطَعَهُ مَنْ يَحْرُم عَلَيْهِ قَطْعُهُ لَمْ يُنْتَفَع بِهِ (كَصَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ) لَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ (وَمَنْ قَطَعَهُ) أَيْ: شَجَرَ الْحَرَم وَحَشِيشَهُ وَنَحْوَهُ (ضَمِنَ الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ) عُرْفًا (بِبَقَرَةٍ وَ) ضَمِنَ (الصَّغِيرَةَ) عُرْفًا (بِشَاةٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ وَفِي الْجَزْلَةِ شَاةٌ " وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالدَّوْحَةُ الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ وَالْجَزْلَةُ الصَّغِيرَةُ.

(وَ) يَضْمَنُ (الْحَشِيشَ وَالْوَرَقَةَ بِقِيمَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْقِيمَةِ وَيَفْعَلُ بِالْقِيمَةِ كَمَا سَبَقَ لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ.

(وَ) يَضْمَنُ (الْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ) أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ بِفِعْلِهِ فَوَجَبَ فِيهِ مَا نَقَصَهُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَالِ آدَمِيٍّ فَنَقَصَهُ (وَإِنْ اسْتَخْلَفَ الْغُصْنَ وَالْحَشِيشَ سَقَطَ الضَّمَانُ) كَمَا لَوْ قُطِعَ شَعْرُ آدَمِيٍّ ثُمَّ نَبَتَ.

(وَكَذَا لَوْ رَدَّ شَجَرَةً) قَلَعَهَا مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ (فَنَبَتَتْ) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا (وَيَضْمَنُ نَقْصَهَا إنْ نَبَتَتْ نَاقِصَةً) لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ.

(وَإِنْ قَلَعَ شَجَرًا مِنْ الْحَرَمِ فَغَرَسَهُ فِي الْحِلِّ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَى الْحَرَمِ لِإِزَالَةِ حُرْمَتِهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدُّهَا (أَوْ يَبِسَتْ) ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا (أَوْ قَلَعَهَا مِنْ الْحَرَمِ فَغَرَسَهَا فِي الْحَرَمِ فَيَبِسَتْ ضَمِنَهَا) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَلَعَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْحِلِّ بَعْدَ أَنْ غَرَسَهَا هُوَ) أَيْ: قَالِعُهَا مِنْ الْحَرَمِ (ضَمِنَهَا قَالِعُهَا) مِنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا (بِخِلَافِ مَنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ) فَقَتَلَهُ غَيْرُهُ فِيهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ مُنَفِّرٌ وَلَا قَاتِلٌ) لِتَفْوِيتِهِ حُرْمَتَهُ بِإِخْرَاجِهِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ وَلَا تَزُولُ حُرْمَتُهُ بِإِخْرَاجِهِ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى مُخْرِجِهِ رَدُّهُ فَكَانَ جَزَاؤُهُ عَلَى مُتْلِفِهِ وَالصَّيْدُ تَارَةً يَكُونُ فِي الْحَرَمِ وَمَرَّةً فِي الْحِلِّ فَمَنْ نَفَّرَهُ فَقَدْ فَوَّتَ حُرْمَتَهُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَزِمَهُ جَزَاؤُهُ.

(وَيُخَيَّرُ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءُ شَجَرِ الْحَرَمِ وَحَشِيشِهِ وَصَيْدِهِ (بَيْنَ الْجَزَاءِ) أَيْ: ذَبْحِهِ وَعَطَائِهِ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ إنْ كَانَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (وَبَيْنَ تَقْوِيمِهِ وَيَفْعَلُ بِثَمَنِهِ) أَيْ: قِيمَتِهِ (كَجَزَاءِ صَيْدِ) الْإِحْرَامِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامًا فَيُطْعِمَهُ لِلْمَسَاكِينِ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ بُرٍّ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ كَقِيمَةِ الْحَشِيشِ يُتَخَيَّرُ فِيهَا كَجَزَاءِ صَيْدٍ لَا مِثْلَ لَهُ عَلَى مَا سَبَقَ.

(وَإِنْ قَطَعَ غُصْنًا فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ وَتَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ كَالصَّيْدِ وَ (لَا) يَضْمَنُ الْغُصْنَ (إنْ قَطَعَهُ فِي الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ كُلُّهُ فِي الْحِلِّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>